حكم دخول المساجد
قال الله تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا إنما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا ، وإن خفتم عيلة فسوف يغنيكم الله من فضله إن شاء إن الله عليم حكيم ) سورة التوبة : 28
فقه الآية الكريمة وفوائدها في المسائل الآتية : المسألة الأولى : قوله تعالى ( يا أيها الذين آمنوا إنما المشركون نجس ) مبتدأ وخبر ، ويجب حصر الخبر في المبتدأ ، وعلى هذا وصف النجس محصور في المشركين . المسألة الثانية : اختلف العلماء في وصف المشركين بالنجس على قولين وهما : الأول : أن النجاسة هي الجنابة ، فاغتسال المشرك من الجنابة لا يسقط جنابته ولا يعتبر غسلا شرعيا . الثاني : الشرك هو النجاسة . المسألة الثالثة : قوله تعالى ( فلا يقربوا المسجد الحرام ) والنهي هنا للتحريم ، وعليه لا يجوز للمسلمين تمكين المشرك من دخول الحرم . المسألة الرابعة : وإذا كان دخول الكفار للمسجد الحرام ، محرما ، ولا ينبغي تمكينهم من دخوله ، فهل يمنع الكفار من دخول جميع المساجد ؟ والجواب : أن العلماء اختلفوا في هذه المسألة على أربعة أقوال وهي : القول الأول : أن الآية عامة في سائر المشركين وسائر المساجد ، وقد كتب عمر بن عبد العزيز إلى عماله يأمرهم بمنع دخول الكفار المساجد ، ويؤيد هذا القول ، قول الله تعالى " وفي بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه " ووجه الدلالة من الآية الكريمة أن دخول الكفار المساجد يتناقض مع ترفيعها ، ومن الأدلة لهذا القول أيضا ، ما رواه مسلم وغيره ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إن هذه المساجد لا تصلح لشيء من البول والقذر " ومعلوم أن الكافر لا يخلو من أحد هذين الأمرين ، ثم إن الله عز وجل جعل علة منع الكافر من دخول المسجد هي النجاسة فقال ( إنما المشركون نجس ) والكافر لا يخلو من النجاسة الحكمية وهي الشرك ، ولا يخلو من النجاسة الحقيقية وهي القذر أو البول ، وكلاهما موجب لمنعه من دخول المساجد . القول الثاني : أن الآية عامة في سائر المشركين ، خاصة في المسجد الحرام ، ولا يمنعون من دخول غيره ، فيباح دخول أهل الكتاب سائر المساجد . القول الثالث : لا يمنع أهل الكتاب من دخول المسجد الحرام ولا غيره ، ويمنع المشركون وأهل الأوثان فقط من دخول المسجد الحرام .وهذا القول مردود بنص الآية الكريمة التي نبحث فيها . القول الرابع : يمنع المشركون من دخول المسجد الحرام إلا العبد والأمة أو صاحب الجزية المسألة الخامسة : قوله تعالى ( المسجد الحرام ) هو أول المساجد الثلاثة التي يشرع للمسلم أن يشد رحاله إليها ، بنص الحديث الشريف " لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد .. الحديث " .. ومن خصائصه : أن المشركين يمنعون من دخوله ، وأن أجر الصلاة فيه أفضل من أجر الصلاة في المسجدين النبوي والأقصى . المسألة السادسة : أنّ شد الرحال إلى المسجد الحرام لا يغني عن شد الرحال إلى المسجد الأقصى المبارك وإلى السجد النبوي ، فلكل من هذه المساجد الثلاثة خصوصيته وفضائله ، والدعوة إلى زيارتها للصلاة وعبادة الله فيها جاءت دعوة عامة لها كلها ، فمن زعم أن زيارة المسجد الحرام أو المسجد النبوي تغني عن زيارة المسجد الأقصى للصلاة والعبادة ، يلزمه الدليل ، وإلا فقوله مردود عليه . المسألة السابعة : والمسلمون منذ بداية العصور الأولى للإسلام ، دأبوا على الاستجابة لقول الرسول صلى الله عليه وسلم بشد الرحال إلى المساجد الثلاثة : الحرام والنبوي والأقصى ، فمنهم من زارها جميعها ، ومنهم لم يستطع فزار بعضها ، ومات وهو مشتاق إلى زيارتها جميعها . المسألة الثامنة : أن زيارة المساجد الثلاثة هو حق خالص للمسلمين دون غيرهم ، أما المسجد الحرام والنبوي ، فيمنع الكافر من زيارتهما ودخوله ، وأما المسجد الأقصى ، فزيارة الكافر له ، يندرج تحت الأقوال الأربعة التي ذكرتها في المسألة الرابعة . المسألة التاسعة : وأرى أن زيارة الكافر للمسجد الأقصى المبارك جائزة ولكن بشروط وهي : أولا : أن تكون بإذن المسلمين ، لأن المسجد الأقصى هو جزء لا يتجزأ من عقيدة المسلمين وتاريخهم . ثانيا : أن تكون الزيارة لحاجة ، وهذا ما ذهب إليه الإمام الشافعي : أن زيارة الكافر للمساجد كلها ما عدا المسجد الحرام تجوز ولكن للحاجة ، والحاجة يجب أن تكون معتبرة . ثالثا : أن يراعي الكافر في زيارته للمسجد الأقصى المبارك حرمة المسجد ، فلا تدخل النساء متبرجات ، ولا يدخل الرجال بملابس قصيرة كاشفة للعورة ، ولا يقوم الكافر بأعمال تنافي أخلاق المسلمين رابعا : المسجد الأقصى يشمل المسجد القبلي والصخرة المشرفة وساحاته ، وكل ما هو داخل السور المحيط بالأقصى ، وما ذكرته من شروط ، يسري على ساحة المسجد الأقصى وتجري على أسواره وأبوابه أيضا . خامسا : ألا تكون زيارة المسجد الأقصى من أهل الكتاب لأداء شعائرهم ، لأن المسجد الأقصى هو لإقامة ذكر الله بشعائر الإسلام ، والإسلام دين ناسخ لما سبقه من الأديان ، ولا يقبل غير شرع الإسلام ليتقرب الناس إلى الله تعالى به . المسألة العاشرة : وبناء على ما ذكرته في المسألة السابقة ، فإنه لا يجوز لأهل الكتاب منع المسلمين من دخول المسجد الأقصى المبارك للصلاة فيه ، وهذا الحق كفلته الشرائع والقوانين الأرضية أيضا .. المسألة الحادية عشرة : وللواقع الخاص الذي يعيشه المسجد الأقصى المبارك ، أدعو العلماء المسلمين من أصحاب الشأن ، أن ينظروا من جديد في حكم زيارة الكفار للمسجد الأقصى المبارك ، ويصدروا فتوى تحفظ له حرمته وهيبته وعزته . |
رد: حكم دخول المساجد
الاثنين 27 رجب 1435
|
جميع الأوقات بتوقيت GMT +3. الساعة الآن 04:15 PM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.2
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.