عرض مشاركة واحدة
 
  #40  
قديم 02-28-2011
الصورة الرمزية admin
admin admin غير متواجد حالياً
Administrator
 
تاريخ التسجيل: May 2009
المشاركات: 14,425
افتراضي مذهب الحنفية وأدلتهم

مذهب الحنفية وأدلتهم


ذهب أبو حنيفة وأصحابه إلى أن العُشر هنا غير واجب، وأن من شروط وجوبه ألا تكون الأرض خراجية وكذلك روى أبو عبيد عن الليث بن سعد، وابن أبى شيبة عن الشعبي وعكرمة: لا يجتمع خراج وعُشر في أرض (انظر الأموال ص91، والمصنف: 3/201 - طبع حيدر آباد)، واستند الحنفية في ذلك إلى أدلة.
أولاً: ما روى عن ابن مسعود عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "لا يجتمع عُشر وخراج في أرض مسلم"(قال في فتح القدير (2/14): رواه أبو حنيفة عن حماد عن إبراهيم عن علقمة عن ابن مسعود مرفوعًا) وهو نص في المطلوب.
ثانيًا: ما رواه أبو هريرة قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "منعت العراق درهمها وقفيزها، ومنعت الشام مديها(القفيز: مكيال، والمدى: مكيال لأهل الشام، وهو غير المد) ودينارها، ومنعت مصر إردبها ودينارها، وعدتم من حيث بدأتم". قالها ثلاثًا. شهد على ذلك لحم أبى هريرة ودمه (رواه مسلم وأبو داود) (قال الشيخ أحمد شاكر فى هامش المحلى (5/ 247): رواه يحيى بن آدم في الخراج رقم (227)، ومسلم: 3/129، وابن الجارود ص499) ومعنى منعت: أي ستمنع كقوله تعالى: (أتى أمر الله)(النحل: 1) ووجه الدلالة في الحديث أنه -صلى الله عليه وسلم- أخبر عما يكون في آخر الزمان من منع الحقوق الواجبة، وبين تلك الحقوق بما ذكر في الحديث، وهو عبارة عن الخراج المطلوب عليهم من الدرهم والقفيز لا العُشر، فلو كان العُشر واجبًا معه لاقترن به في الإخبار.
ثالثًا: ما رواه أبو عبيد بسنده عن طارق بن شهاب قال: كتب عمر بن الخطاب في دهقانة نهر الملك (نهر الملك: كورة واسعة ببغداد) أسلمت، فكتب: " أن ادفعوا إليها أرضها تؤدى عنها الخراج " (الأموال ص87) فأمر بأخذ الخراج ولم يأمر بأخذ العُشر ولو كان واجبًا لأمر به.
رابعًا: أن عدم الجمع بين العُشر والخراج هو ما جرى عليه العمل منذ فرض عمر -ووافقه الصحابة- الخراج على أرض السواد وغيرها، ولم ينقل أن أحدًا من أئمة العدل أو ولاة الجور أخذ من أرض السواد عُشرًا مع كثرة امتلاك المسلمين للأراضي الخراجية وتوافر الدواعي على النقل، فكان ذلك منهم إجماعًا عمليًا لا تصح مخالفته.
خامسًا: أن الخراج يجب بالمعنى الذي يجب فيه العُشر، وهو صلاحية الأرض للزراعة والنماء، ولهذا لو كانت سبخة لا منفعة لها، لم يجلب فيها خراج ولا عُشر، فسبب الوجوب فيها هو الأرض النامية؛ بدليل أنهما يضافان إليها، فيقال: خراج الأرض وعُشر الأرض، والإضافة تدل على السببية فلم يجز إيجابهما معًا، كما لو ملك نصابًا من الماشية السائمة بنية الاتجار لمدة سنة، لا تلزمه زكاتان بالإجماع: منعًا لوجوب زكاتين في مال واحد بسبب واحد، اتباعًا للحديث النبوي: "لا ثنى في الصدقة".
سادسًا: الخراج إنما وجب أصلاً بسبب الكفر؛ لأنه إنما وجب عقوبة في أرض فتحت عنوة وأقر فيها أربابها، أما العُشر فإنما وجب بسبب الإسلام؛ لأنه عبادة وجبت شكرًا لله وتطهيرًا للنفس والمال، فهما متباينان في مبدأ الإيجاب، فلم يجز اجتماعهما (انظر أحكام القرآن للجصاص: 3/17 - 19 - طبع البهية المصرية).
__________________
اللهم علمنا ما ينفعنا - وإنفعنا بما علمتنا
اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا إتباعه - وأرنا الباطل باطلا وأرزقنا إجتنابه
اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك
اللهم إجعل عملنا خالصا لوجهك الكريم
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبة وسلم
رد مع اقتباس