عرض مشاركة واحدة
 
  #4  
قديم 07-22-2009
نائل أبو محمد نائل أبو محمد غير متواجد حالياً
عضو بناء
 
تاريخ التسجيل: May 2009
المشاركات: 6,651
افتراضي رد: من كتابات هشام العارف

الأربعاء 30 رجب 1430هـ
الداعية والقراءة ..
الداعية يقرأ للجميع ..
المسلم يصبر ويتحلى بالصبر
المسلم صاحب صدر واسع ..
ـــــــــــــــ
الكلمات اعلاه لا علاقة لها بالموضوع هنا ..
ولكنها مقدمة لكل باحث
وهذا رابط للقراءة والمراجعة كتبه الشيخ هشام العارف :

http://vb.alaqsasalafi.com/showthread.php?t=1600

مرة أخرى ولكن عند التمايز والغربلة!!!

--------------------------------------------------------------------------------

مرة أخرى ولكن عند التمايز والغربلة !!!
الاتصال والتواصل عنوان مهم في حياة السلفي
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ، ومن سيئات أعمالنا ،من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله .
أما بعد ،
في 23/صفر/1428 الموافق 13/3/2007 كتبت مقالة بعنوان "الاتصال والتواصل عنوان مهم في حياة السلفي" قلت فيها:
علماء الدين "السلفيون" أحوج الناس إلى التواصل والتعاون خصوصاً في العصر الذي تفشى فيه وباء الحزبية، وقلَّت الرغبة في العلوم الدينية القائمة على الكتاب والسنة بفهم سلف الأمة، بل عمَّت النفرة عنها.
فلا يجوز للعالم السلفي أن يستغني برأيه عن رأي أخيه العالم السلفي، بل لا بد من المناظرة والمحاورة والتعاون.
قال الشيخ المعلمي اليماني ـ رحمه الله ـ في مطلع محاضرته التي ألقاها عام (1356) بعنوان "صفة الارتباط بين العلماء في القديم":
1- "كان العلماء في العصور الأولى متواصلين على بعد الأقطار وصعوبة الأسفار، فلا تكاد تطلع على ترجمة رجل منهم إلا وجدت فيها: ذكر ارتحاله في أوان الطلب إلى الأقطار النائية للقاء العلماء والأخذ عنهم، وسياحته بعد التحصيل، وكلما دخل بلدة سأل عمن بها من العلماء، واجتمع بهم واستفاد منهم وأفادهم، وبقي يواصلهم طول عمره بالمكاتبة والمراسلة، وكانت المكاتبات لا تنقطع بين علماء الأقطار لتبادل الأفكار في المسائل العلمية".
كم نحن بحاجة الآن في هذه الأيام إلى إحياء الاتصال والتواصل بين علماء الدعوة السلفية، من شتى بقاع الأرض والأقطار.
وقال الشيخ المعلمي اليماني في محاضرته:
2- "وهكذا يحج كل سنة جماعة من العلماء، ويرجع كل منهم ولم يجتمع بأحد من علماء الحرمين، أو العلماء الذين حجّوا من ذلك العام".
إننا بحاجة نحن الذين على الدعوة السلفية في أرجاء الأرض إلى توحيد الصف، لأننا نحن أولى الناس بقول نبينا ـ صلى الله عليه وسلم ـ:
3- "أحسنوا إقامة الصفوف".["صحيح الجامع"(195)]
4- "سوّوا صفوفكم".["صحيح الجامع"(3647)]
5- "أقيموا صفوفكم".["صحيح الجامع"(1191)]
6- "رصّوا صفوفكم".["صحيح الجامع"(3505)]
إلى غير ذلك من النصوص. ومن الأفعال التي اقترنت بلام الأمر:
7- "لتقيمنَّ صفوفكم، أو ليخالفنَّ الله بين قلوبكم".["الصحيحة"(32)]
8- "لتسونَّ صفوفكم، أو ليخالفن الله بين وجوهكم".["صحيح الجامع"(3972)]
واستمراره ـ صلى الله عليه وسلم ـ على التحذير من عاقبة الاختلاف في الصف، وتأكيده على ضرورة تسوية الصف، مشعر أن هذه الشعيرة من الخطورة بمكان أن التفريط بها أو إهمالها، له عواقب سيئة.
إنها السنة النبوية النابعة من قوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ:
9- "إنما أنا رحمة مِهداة".["الصحيحة"(490)]
لذلك جاء فهم السلف موافقاً العمل بهذه النصوص اتباعاً لسنة المصطفى ـ صلى الله عليه وسلم ـ، وحباً في نيل محبة الله ـ تعالى ـ ومرضاته، ومراعاةً لعدم الوقوع في الخطيئة الكبيرة وهي: الفرقة والاختلاف. وانتصاراً للحق، وخذلاناً للباطل، وصوناً لوحدة الصف.
وقال الشيخ المعلمي اليماني ـ رحمه الله ـ:
10- "ولقد كان بعض العلماء يحج وأعظم البواعث له على الحج: الاجتماع بالعلماء، مع أن هذه العبادات ـ أعني الجماعة والجمعة والعيد والحج ـ من أعظم الحكم في شرعها: الاجتماع والتعارف، وتبادل الفوائد العلمية وغيرها".
إن مجتمعات العالم بأسره بحاجة إلى توجيهات وإرشادات علماء الدعوة السلفية، إن ما يشهده العالم من شماله إلى جنوبه، ومن شرقه إلى غربه، من فتن وويلات سببها معروف لدى علماء الدعوة السلفية وهو بعد الناس عن منهج النبوة، إن الناس جميعاً على الكرة الأرضية تنتظر تصرفكم بشأنها، هذا التصرف المبني على العلم النافع؛ القائم على الكتاب والسنة بفهم سلف الأمة.
فلماذا لا يعقد بين علماء الدعوة السلفية لقاء في مكة يتبادل فيه الجميع بصراحة؛ القصور الذي اعترى حملة الدعوة السلفية؟ وهم أولى الناس ببعضهم البعض فيعملون على إزالة هذا القصور الطاريء. في عالم انصاع كثير فيه إلى التكتلات والتجمعات والتحزبات البالية.
وقال الشيخ المعلمي اليماني:
11- "وكم من عالم تشكل عليه مسألة، أو يخشى أن يكون مخطئاً فيها، فلا يدعوه التوفيق إلى الاجتماع بغيره من العلماء والبحث معهم فيها، أو إلى مكاتبتهم في ذلك. هذا مع تيسر طرق المواصلات في هذه الأعصار، فأصبحت المسافة التي كانت لا تقطع إلا في أشهر أو سنين ـ مع المشاق والمخاوف والعوائق والقواطع ـ تقطع الآن في أيام ـ مع الأمن والراحة ـ وكذلك حال المكاتبات".
ألسنا نحن حملة الدعوة السلفية أحظى الناس بالاتفاق والاجتماع؟ لأننا نحن أولى الناس بنصوص الكتاب والسنة فهماً، لأننا قيَّدنا فهومنا بفهوم الصــحابة ـ رضوان الله عنهم ـ. وكيف تعامل الصحابة بالنص الوارد في سورة الصف
12- (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنيَانٌ مَرْصُوصٌ(4).
إن هذا النص في الكتاب العزيز من سورة الصف وهي مدنية، سبقه تزكية وتربية، فمن هذه التزكية والتربية ما فعله النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ مع الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ حيث علَّمهم إقامة الصف وتسويته في المسجد، لأن في الإقامة استقامة، والخلل في صف المسجد خلل في صف المجتمع كله، والمسجد مدرسة علم وتزكية، لذا تكرر مطالبة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بتسوية الصف فيه والحرص على ترك الخلاف، فكان يقول:
13- "استووا ولا تختلفوا فتختلف قلوبكم".["صحيح الجامع"(961)]
فيكون معنى الحديث: الاختلاف في تسوية الصفوف سبب في اختلاف القلوب.
وكان ـ صلى الله عليه وسلم ـ يقول:
14- "أقيموا صفوفكم، لا يتخللكم الشياطين كأنها أولاد الحذف" .["صحيح الجامع"(1192)]
والمراد بأولاد الحذف: أولاد الضأن الصغار.
وقال الشيخ المعلمي اليماني:
15- "وكم من عالم أخطأ في مسألة فلم يهتم إخوانه من العلماء بأن يزوروه ويذاكروه فيها، أو يكاتبوه في شأنها، بل الغاية ما يصنع أحدهم أن ينشر اعتراضه في مجلة أو رسالة يشنع على ذلك العالم ويجهله، أو يبدعه ويكفره، فتكون النتيجة عكس المطلوب.
وكم من مسائل يفتى فيها بمصر بشيء، وبالشام بخلافه، وفي الهند بخلاف ذلك، ولو كانت المواصلات جارية بين العلماء لما وقع هذا الحبط الشديد الذي يوسع خرق الافتراق ويؤول إلى النزاع والشقاق".
فيا حملة الدعوة السلفية المتبعون لسنة نبيكم أنظروا إلى أهمية الملاحظة التي أبدى بها أنس حين سئل:
16- "ما أنكرت منا"؟
فأجاب بقوله:
17- "ما أنكرت شيئاً إلا أنكم لا تقيمون الصفوف".
وهذا الخبر بوبه الإمام البخاري في "صحيحه" تحت مسمى:
18- "باب إثم من لم يتم الصفوف".
وقد بيّن أنس ـ رضي الله عنه ـ كيف كانت تسوية الصفوف على عهد رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فيقول فيما أخرجه البخاري في صحيحه":
19- "وكان أحدنا يلزق منكبه بمنكب صاحبه، وقدمه بقدمه". ["الصحيحة"(31)]
وقال النعمان في رواية:
20- "وكعبه بكعبه".["تمام المنَّة"(ص:286)]
قال شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ:
21- "فإن صلاة الجماعة سميت جماعة؛ لاجتماع المصلين في الفعل مكاناً وزماناً، فإذا أخلّوا بالاجتماع المكاني أو الزماني، مثل أن يتقدموا أو بعضهم على الإمام، أو يتخلفوا عنه تخلفاً كثيراً لغير عذر، كان ذلك منهياً عنه باتفاق الأئمة، وكذلك لو كانوا متفرقين غير منتظمين، مثل أن هذا خلف هذا، وهذا خلف هذا، كان هذا من أعظم الأمور المنكرة، بل قد أمروا بالاصطفاف، ولو لم يكن الاصطفاف واجباً؛ لجاز أن يقف واحد خلف واحد، وهلم جرا، وهذا مما يعلم كل أحد علماً عاماً أن هذه ليست صلاة المسلمين".["مجموع الفتاوى" (23/393-394)]
وإذا كنا نتكلم عن الجماعة ووحدة الصف لأهمية الموقف الذي يجب أن يكون عليه المسلم في وقت زاد فيه زخم الفتن، فإننا نحن حملة الدعوة السلفية أولى الناس بالنظام والانتظام، ولا يكون هذا إلا بالاتصال والتواصل.
قال ابن كثير ـ رحمه الله ـ في تفسيره آية الصف: قال قتادة:
22- "ألم تر إلى صاحب البنيان كيف لا يحب أن يختلف بنيانه! فكذلك الله ـ عز وجل ـ لا يحب أن يختلف أمره، وإن الله صَفَّ المؤمنين في قتالهم، وصفهم في صلاتهم، فعليكم بأمر الله، فإنه عصمة لمن أخذ به".
إن اجتماع كلمة حملة الدعوة السلفية ووحدة صفهم في هذا الوقت فيه خير عظيم عليهم وعلى مجتمعاتهم، في الوقت الذي حار فيه الساسة عن المعالجة، وهم بانتظار كلمتكم الموحدة، فأنتم الآن الموقعون عن رب العالمين، فتعالوا إلى الاجتماع بعد الصف، وإياكم الغفلة عما حذَّر الله منه في مطلع سورة الصف:
23-(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ(2)
سورة الجمعة بعد سورة الصف في النزول، وبعدها في ترتيب المصحف، ومقصودها الاجتماع على الكلمة بعد وحدة الصف فبعد أن بينت سورة الصف أهمية الوحدة في الفعل، جاءت سورة الجمعة لتبين أهمية الوحدة في القول.وسورة الجمعة حثت على قوة التواصل والاجتماع وحثت على دوام الإقبال على ذكر الله ـ تعالى ـ.

قال الإمام أبو جعفر بن الزبير:
24- "لما ختمت سورة الصف بالثناء على الحواريين في حسن استجابتهم وجميل إيمانهم، وقد أمر المؤمنين بالتشبه بهم في قوله ـ تعالى ـ:
25-(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُونوا أَنصَارَ اللَّهِ كَمَا قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوَارِيِّينَ مَنْ أَنصَارِي إِلَى اللَّهِ..(14)
كان ذلك مما يوهم فضل أتباع عيسى ـ عليه السلام ـ على أتباع محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ فأتبع ذلك بذكر هذه الأمة، والثناء عليها".["البرهان في تناسب سور القرآن"(ص:187)]
قال الشنقيطي ـ رحمه الله ـ:
26- "لم يبين فيها هل كانوا أنصار الله كما كان الحواريون أنصار الله أم لا"؟
وقد جاء ما يدل على أنهم بالفعل أنصار الله فقد تقدم في سورة الحشر (101/نزول) قول الله ـ تعالى ـ:
27- (لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنْ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ هُمْ الصَّادِقُونَ(8).
ولما توحد المؤمنون في الطاعة وكانوا صفاً واحداً، ناسب أن تكون سورة الجمعة (110/نزول)، ومن ثم سورة الفتح (111/نزول).
لأن مقصود سورة الجمعة بيان مسمى الصف وهو الجمعة المبين للمراد منها وهو فرضية الاجتماع والتوحد فيها وإيجاب الإقبال عليها، وهو التجرد عن غيرها والانقطاع لما وقع من التفرق حال الخطبة، عمن بعث للتزكية بالاجتماع عليه في الجهاد وغيره، في العسر واليسر، والمنشط والمكره.
ومقصود سورة الفتح بيان غاية الظهور على أعداء الله وتحقق الانتصارات والفتوحات بعد وحدة الصف بعد أن استفاد الصحابة من قول الله ـ تعالى ـ في سورة الصف (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُونوا أَنصَارَ اللَّهِ). ومن قوله ـ تعالى ـ في سورة الجمعة:
28- (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِي لِلصَّلاةِ).
وقد افتتح الله ـ تعالى ـ سورة الفتح بقوله:
29- (إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا(1).
وختمها بقوله:
30- (هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا(28)مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنْ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الإنجيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمْ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا(29).
قال ابن كثير ـ رحمه الله ـ:
31- "فالصحابة ـ رضي الله عنهم ـ خلصت نياتهم وحسنت أعمالهم، فكل من نظر إليهم أعجبوه في سمتهم وهديهم".
ونقل عن مالك ـ رحمه الله ـ قوله:
32- "بلغني أن النصارى كانوا إذا رأوا الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ الذين فتحوا الشام يقولون:
33- "والله لهؤلاء خير من الحواريين فيما بلغنا".
وصدقوا في ذلك فإن هذه الأمة معظمة في الكتب المتقدمة وأعظمها وأفضلها أصحاب رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وقد نوَّه الله تبارك وتعالى بذكرهم في الكتب المنزلة والأخبار المتداولة، لذلك قال سبحانه وتعالى هنا (ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الإنْجِيلِ).أ.هـ
ورضي الله عن السابقين الأولين رضاً مطلقاً، ورضي عن التابعين لهم بإحسان، وجعل التابعين لهم بإحسان مشاركين لهم فيما ذكر من الرضوان والجنة.
وقال ابن كثير ـ رحمه الله ـ:
34- "ومن هذه الآية انتزع الإمام مالك ـ رحمة الله عليه ـ في رواية عنه بتكفير الروافض الذين يبغضون الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ قال:
35- "لأنهم يغيظونهم؛ ومن غاظ الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ فهو كافر؛ لهذه الآية، ووافقه طائفة من العلماء ـ رضي الله عنهم ـ على ذلك، والأحاديث في فضل الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ والنهي عن التعرض لهم بمساءة كثيرة ويكفيهم ثناء الله عليهم ورضاه عنهم".
وقال الله ـ تعالى ـ في سورة التوبة (113/نزول):
36- (وَالسَّابِقُونَ الأوَّلُونَ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ وَالأنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ(100).
قال ابن تيمية ـ رحمه الله تعالى ـ:
37- "فمن اتبع السابقين الأولين كان منهم، وهم خير الناس بعد الأنبياء، فإن أمة محمد خير أمة أخرجت للناس، وأولئك خير أمة محمد كما ثبت في الصحاح من غير وجه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
38- "خَيْرُ هَذِهِ الأمَّةِ الْقَرْنُ الَّذِي بُعِثْتُ فِيهِمْ (قَالَ عَبْدُ الصَّمَدِ الَّذِينَ بُعِثْتُ فِيهِمْ) ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ثُمَّ يَنْشَأُ قَوْمٌ يَنْذُرُونَ وَلا يُوفُونَ وَيَخُونُونَ وَلا يُؤْتَمَنُونَ وَيَشْهَدُونَ وَلا يُسْتَشْهَدُونَ وَيَنْشَأُ فِيهِمُ السِّمَنُ".
وقال عبد الله بن مسعود ـ رضي الله عنه ـ:
39- "من كان منكم مستناً فليستن بمن قد مات، فإن الحيَّ لا تؤمن عليه الفتنة، أولئك أصحاب محمد: أبرُّ هذه الأمة قلوباً، وأعمقها علماً، وأقلها تكلفاً، قوم اختارهم الله لصحبة نبيه، وإقامة دينه، فاعرفوا لهم حقهم، وتمسكوا بهديهم، فإنهم كانوا على الهدى المستقيم".
وما أحسن الذي قاله الإمام الشافعي ـ رحمه الله ـ في رسالته:
40- "هم فوقنا في كل علم وعقل ودين وفضل وكل سبب ينال به علمٌ أو يدرك به هدى، ورأيهم لنا خير من رأينا لأنفسنا".
وقال ابن تيمية ـ رحمه الله ـ:
41- "ولهذا كان معرفة أقوالهم في العلم والدين وأعمالهم خيراً وأنفع من معرفة أقوال المتأخرين وأعمالهم في جميع علوم الدين وأعماله: كالتفسير، وأصول الدين، وفروعه، والزهد، والعبادة والأخلاق، والجهاد، وغير ذلك، فإنهم أفضل ممن بعدهم كما دل عليه الكتاب والسنة، فالاقتداء بهم خير من الاقتداء بمن بعدهم، ومعرفة إجماعهم ونزاعهم في العلم والدين خير وأنفع من معرفة ما يذكر من إجماع غيرهم ونزاعهم..
وقال ـ رحمه الله ـ:
42- "وللصحابة فهم في القرآن يخفى على أكثر المتأخرين، كما أن لهم معرفة بأمور من السُّنَة وأحوال الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ لا يعرفها أكثر المتأخرين، فإنهم شهدوا الرسول والتنزيل، وعاينوا الرسول، وعرفوا من أقواله وأفعاله وأحواله مما يستدلون به على مرادهم ما لم يعرفه أكثر المتأخرين الذين لم يعرفوا ذلك فطلبوا الحكم مما اعتقدوه من إجماع أو قياس. وأيضاً: فلم يبق مسألة في الدين إلا وقد تكلم فيها السلف فلا بد أن يكون لهم قول يخالف ذلك القول أو يوافقه".
وإذا كان السلفيون حقاً هم أنصار الله فعليهم مراعاة أسباب الظهور والغلبة وأهمها الذي أشرنا إليه أعلاه: قال ـ تعالى ـ في سورة الصف:
43- (قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنصَارُ اللَّهِ فَآَمَنَتْ طَائِفَةٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَكَفَرَتْ طَائِفَةٌ فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آَمَنُوا عَلَى عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظَاهِرِينَ (14).
وفي الآية بيان للنتائج التي تحققت لكل طائفة من الطائفتين، والمقصود من هذا الخبر حض المؤمنين في كل زمان ومكان، على الإيمان والعمل الصالح، لأن سنة الله ـ تعالى ـ اقتضت أن يجعل العاقبة لهم، كما جعلها لأتباع عيسى المؤمنين.
ومعنى أنهم أصبحوا ظاهرين: أي: بالحجة والبرهان، أو أن التوحيد الذي هم عليه هو الذي أظهره الله بهذا الدين.
وقد أخرج الإمام أحمد، وأبو داود، والحاكم، والطبراني في "الكبير" ، وقال الحاكم: صحيح على شرط مسلم، ووافقاه الذهبي والألباني (الصحيحة:1959)، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ـ صلى الله عليه وسلم ـ:
44- "لا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي يُقَاتِلُونَ عَلَى الْحَقِّ ظَاهِرِينَ عَلَى مَنْ نَاوَأَهُمْ حَتَّى يُقَاتِلَ آخِرُهُمْ الْمَسِيحَ الدَّجَّالَ".
قال شيخنا الألباني ـ رحمه الله ـ ( يعلق على الحديث رقم:1529 في الصحيحة ):
45- "ووصَف النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ المهدي بصفات بارزة أهمها: أنه يحكم بالإسلام، وينشر العدل بين الأنام، فهو في الحقيقة من المجددين الذين يبعثهم الله على رأس كل مائة سنة، كما صح عنه ـ صلى الله عليه وسلم ـ، فكما أن ذلك لا يستلزم ترك السعي وراء طلب العلم والعمل به لتجديد الدين، فكذلك خروج المهدي لا يستلزم التواكل عليه وترك الاستعداد والعمل لإقامة حكم الله في الأرض، بل العكس هو الصواب، فإن المهدي لن يكون أعظم سعيا من نبينا ـ صلى الله عليه وسلم ـ الذي ظل ثلاثة وعشرين عاما وهو يعمل لتوطيد دعائم الإسلام، وإقامة دولته، فماذا عسى أن يفعل المهدي لو خرج اليوم فوجد المسلمين شيعاً وأحزاباً، وعلمـاءهم ـ إلا القليل ـ منهم اتخذهم الناس رؤوساً! لما استطاع أن يقيم دولة الإسلام إلا بعد أن يوحد كلمتهم ويجمعهم في صف واحد، وتحت راية واحدة، وهذا بلا شك يحتاج إلى زمن مديد الله أعلم به، فالشرع والعقل معا يقتضيان أن يقوم بهذا الواجب المخلصون من المسلمين، حتى إذا خرج المهدي، لم يكن بحاجة إلاَّ أن يقودهم إلى النصر، وإن لم يخرج فقد قاموا هم بواجبهم والله يقول:
46- (وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون)".
فأنا بانتظار من يأخذ من العلماء الأفاضل بفضيلة السبق إلى جمع كلمة السلفيين ووحدة صفهم من شتى الأقطار.

إعداد: هشام بن فهمي العارف
8/7/1430 الموافق 1/7/2009
رد مع اقتباس