تفسير التفسير الكبير / للإمام الطبراني (ت 360 هـ) مصنف و مدقق
تفسير التفسير الكبير / للإمام الطبراني (ت 360 هـ) مصنف و مدقق
{ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ }
قوله عَزَّ وَجَلَّ: { إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ }. لا يُحسن إدخال { إِيَّاكَ } في غيرِ الْمُضْمَرَاتِ. وحُكي عن الخليلِ: (إذَا بَلَغَ الرَّجُلُ السِّتِّيْنَ فَإيَّاهُ؛ وَإيَّا الشَّوَاب). فأضافَهُ إلَى ظاهرٍ؛ وهو قبيحٌ مع جوازهِ ولا يكونُ إلاَّ إذا تقدَّم، فإنْ تأخَّرَ؛ قُلْتَ: نَعْبُدُ؛ ولا يجوز: نَعْبُدُ إياكَ. فإنْ قِيْلَ: لِمَ قدَّم { إِيَّاكَ نَعْبُدُ } وهلاَّ قالَ: نعبدُكَ؟ قيل: إنَّ العربَ إذا ذكرَتْ شَيئين قدَّمت الأهَمَّ فالأهَمَّ؛ ذِكْرُ المعبودِ في هذه الآية أهمُّ من ذكرِ العبادة فقدَّمَهُ عليها.
والكافُ من { إِيَّاكَ } في موضعِ خفض بمنْزلة عَصَاكَ؛ وأجازَ الفرَّاء: أن تكون في موضعِ نصبٍ؛ فكأنه جعلَ { إِيَّاكَ } بكمالهِ ضميرَ المنصوب. فإن قيلَ: لِمَ عدلَ عن المغايبةِ إلى المخاطبة؟ قُلْنَا: مِثْلُهُ كثيرٌ في القُرْآنِ؛ قَالَ اللهُ تَعَالَى:
{ حَتَّىٰ إِذَا كُنتُمْ فِي ٱلْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِم بِرِيحٍ } [يونس10: 22].
__________________
اللهم علمنا ما ينفعنا - وإنفعنا بما علمتنا
اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا إتباعه - وأرنا الباطل باطلا وأرزقنا إجتنابه
اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك
اللهم إجعل عملنا خالصا لوجهك الكريم
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبة وسلم
|