عرض مشاركة واحدة
 
  #28  
قديم 11-22-2011
رفيق بالخصم رفيق بالخصم غير متواجد حالياً
عضو مشارك
 
تاريخ التسجيل: Oct 2011
المشاركات: 50
افتراضي رد: الذكرى 14 لتصحيح مسار حزب التحرير (1997/10/22-2011/10/22)

تابع

ثالثا: أمير الحزب هو صاحب الصلاحية في التبني:
فالأمير المؤسس رحمه الله هو الذي أنشأ الحزب وكتله حول ما تبناه فكانت له هذه الميزة التي لن تتكرر في الحزب وكل من سار مع الحزب بمن فيهم الأمراء من بعده، ساروا على شرطه، وأقسموا أن يتبنوا ما تبناه الأمير المؤسس. وكون الأمير المؤسس رحمه الله قد وضع قواعد لتبني الأفكار والأحكام، وألزم نفسه بها وأقسم كل من دخل الحزب على تبنيها، أصبحت جزءا من الكيان الفكري للحزب وأصبحت قيداً على صلاحية الأمير في التبني.
وقد كان رحمه الله منضبطاً في تبنيه للأفكار والأحكام بقواعد الحزب في التبني إلى أن توفاه الله. وحصل أن تجاوز قواعد الحزب في التبني في موضوع "حمل المصحف"، إلا انه عندما نوقش بمخالفته لقواعد الحزب في التبني رجع عن تبنيه، لذلك لا يحق لأي أمير من بعده أن يغير في قواعد الحزب في التبني. لأن من شأن ذلك أن يحدث تغيُّر في الوصف التفصيلي للحزب فكرة وطريقة. وهذا ما يخالف الواقع الفكري الذي جرى تكتل الحزب على أساسه. ومسخ وتحويل للكيان الفكري للحزب إلى كيان آخر، وحَنْثٌ للقسم الذي جرى على تبني آراء الحزب المشار إليه باسم الإشارة ((هذا)) الوارد في القسم، فضلاً عن أن تجاوز قواعد الحزب في التبني يؤدي إلى تفريغ الحزب من محتواه ومن ثروته الفكرية. وضرب لطريقة التفكير المنتجة، وإعادة الإبهام والغموض والتشويه للفكرة. مما يؤدي إلى إخفاق الحزب في تحقيق غايته.

رابعاً: ينبغي أن يفرَّق بين صلاحية الأمير في التبني، إنشاءً وإلغاءً وتغييراً ومخالفته للمتبنى. فبالنسبة للإنشاء والإلغاء والتغيير له الصلاحية في ذلك، بشرط أن يتقيد بقواعد الحزب في التبني. أما مخالفته للتبني، فتوجب معاقبته كأي فرد من أفراد التكتل، ولا يقال هنا أن مخالفة الأمير للتبني تعتبر تبنيا جديدا وملغيا لما قبله ((قياساً لا شعورياً على النسخ في القرآن الكريم)).
لا يقال ذلك لأن الإلغاء والإنشاء والتغيير للرأي ينبغي أن يمر بالدراسة والتفكير والبحث والتتبع، ثم يعطى للشباب من أجل تمكينهم من تلقيه تلقياً فكرياً بالدراسة والتفكير والبحث والتتبع. كما يجب على الأمير أن يبين للشباب السبب الموجب لإلغاء الرأي أو تغييره وبيان خطأ الرأي السابق ووجه الصواب في الرأي الجديد، وذلك حسب طريقة الحزب في الفهم، لأنه إذا أصبحت مخالفات الأمير للمتبنى من أقواله وأفعاله وتصرفاته وسكوته، طريقة لتغيير أفكار الحزب وآرائه وأحكامه، صار الأمير مشرِّعاً.
فضلاً عن أن الأمير لا يتبنى لنفسه بوصفه الفردي، بل يتبنى للحزب، فإن تبنى رأياً يكون تبنيه للرأي تبنيا لكل فرد من أفراد التكتل فلهم أن يناقشوا الرأي باعتباره رأيهم، من حيث قوة الدليل وضعفه، ومخالفته لقواعد التبني ومطابقته لها ومن حيث انطباقه على الواقع وعدم انطباقه.
فتبني أمير الحزب ليس كتبني الخليفة؛ يعتبر تبنيه للرأي أمراً للمسلمين يستوجب الطاعة، لأن الطاعة غير التبني، فالطاعة تكون في الأعمال فقط. أما التبني فهو العمل بالرأي وتعليمه والدعوة له. لذلك فإن مخالفة الأمير للتبني لا تعني إلاّ شيئاً واحداً فقط هو مخالفته للتبني ووقوعه في الإثم.

خامساً: إن صلاحية الأمير في التبني. إنشاءً وإلغاءً وتغييرا ليست مطلقة، بل مقيدة بشرطين أساسيين:
1- أن يلتزم واقع التبني في الحزب، وهو تبني ما يلزم لتحقيق الغاية ليس غير.
2- الالتزام بطريقة الحزب في الفهم. وهي قواعد تبني الأفكار والأحكام، سواءً فقهية أو فكرية أو سياسية، وهي على النحو التالي:

أ. بالنسبة للأفكار المتعلقة بالعقائد:
جاء في نشرات الحزب التكتلية .ص 272 بتاريخ 21/ 4/ 1974م ما نصه: (وحزب التحرير قد وضع قاعدة لتبني الأفكار والأحكام، فبالنسبة للأفكار المتعلقة بالعقائد، لا يتبناها إلا إذا قام الدليل القاطع على صحتها وصدقها. سواء أكان الدليل مما جاء به الوحي، أو دليلا عقلياً حسب فهمه لمعنى العقل). وهذه القاعدة تتضمن أمرين:
الأمر الأول: أن الأفكار المتعلقة بالعقائد لا تكون موضع تبنّ عند الحزب إلا إذا ارتفعت إلى مستوى الجزم. بمعنى أن الأفكار التي يصدق بها مجرد تصديق ولا يجزم بها لا يتبناها.
الأمر الثاني: أن الحزب لا يعتبر العقائد عقائد إلا إذا ثبتت بالدليل القاطع.
أي أن الأمر الأول متعلق بتبني العقائد. والأمر الثاني متعلق باعتبار العقائد، وبشكل أوضح؛ أن الحزب جعل الدليل القاطع شرطا في اعتبار العقائد وشرطا للحزب في تبنيها.
وقد جاء شرح لكيفية أخذ الأفكار في كتاب التفكير، ومع أن الكتاب ليس متبنىً ككتاب، إلا أن ما جاء فيه شرحٌ للمتبنى يعتبر متبنى. فقد حدد الحزب طريقة إنشاء الأفكار بثلاثة قواعد:
1- أن تبنى بناءا صحيحا على العقيدة، وصحة البناء تقتضي ثلاثة أمور:
أ) أن تتوفر معلومات سابقة بمستوى ذلك الفكر.
ب) أن يُدرك واقع الفكر إدراكاً يحدده ويميزه.
ج) أن يتصور مدلول ذلك الفكر تصوراً صحيحاً يعطي الصورة الحقيقية له.
2- أن يجري تطبيقها على الواقع.
3- أن تتميز الكلمات والتراكيب التي تؤديها بالدقة والتحديد والاستقصاء.

ب. أما بالنسبة للأحكام الشرعية:
فقد ورد في نفس النشرة السابقة ص 272 من الدوسية التكتلية ما يلي: (وأما بالنسبة للأحكام فإنه لا يشترط ثبوتها بشكل قاطع، بل يكفي أن يغلب الظن على صحتها وصدقها. وهو لا يكتفي بالنصوص ولا بفهم هذه النصوص، وإنما يشترط إلى جانب ذلك انطباقها على الواقع الذي جاءت به النصوص).
وقد جاء في شرح كيفية أخذ الحكم الشرعي في كتاب التفكير وبعض الكتب الأخرى، أن الحزب اشترط أن تنبثق الأحكام الشرعية انبثاقا صحيحاً عن العقيدة، أي أن هناك شرطين لأخذ الحكم الشرعي:
1- أن ينبثق انبثاقا عن العقيدة، ولا يبنى بناءً كالأفكار.
2- أن يكون الانبثاق صحيحاً وصحة الانبثاق تقتضي ثلاثة أمور:
أ) معرفة كافية باللغة العربية.
ب) معرفة بالأمور الشرعية.
ج) معرفة حقيقة الواقع وانطباق الحكم الشرعي على ذلك الواقع.
هذا ما يتعلق بكيفية تبني الأفكار والأحكام. وقد ورد في ملف النشرات التكتلية ص 273 ما يشير إلى ذلك، بقوله: (ولما كانت الفكرة قد أصابها من عوامل التغشية ما أصابها وتعرضت للغزو الثقافي والغزو السياسي إلى ما تعرضت له من أنواع التضليل، ولما كانت هذه الأفكار هي روح الحزب، كان لزاماً عليه أن يتبنى من الأفكار والأحكام ما يعتقد انه وحده الحق بالنسبة لما يتعلق بالعقائد. وما يغلب على ظنه أنه وحده الصواب فيما يتعلق بالأحكام. وان يكون تبنيه للأفكار والأحكام واسعاً بقدرٍ يكفيه للقيام بمهمته من إقامة الدولة، وبناء المجتمع وإنهاض الأمة وحمل الرسالة الإسلامية إلى العالم). من هنا كان التبني في الحزب مقيدا بأمرين أساسيين:
الأول: التزام واقع التبني في الحزب، وهو تبني ما يلزم لتحقيق الغاية.
الثاني: أن يجري التبني بحسب قواعد الحزب في التبني بالنسبة للأحكام والأفكار.
أما الوسائل والأساليب فقد وضع الحزب شرطين في تبنيها:
1 - أن يقررهما نوع العمل.
2 - أن لا يخالفا المبدأ.

وبعد الدراسة والتفكير والبحث والتتبع لـكتاب عويضة، الذي تبناه الأمير المعزول، تبين أن القيادة المعزولة لم تتقيد بقواعد الحزب في التبني حين جرى تأليف الكتاب وتبنيه.
بل وتبين أن فيه حرف للحزب وتشويه للفكرة وتغيير للطريقة. وسأعرض بعض فقرات من الكتاب. تبين الانحراف بوضوح لا لبس فيه. إذ الانحراف في الحزب ليس آت من صحة الأفكار وخطئها فحسب، بل من تجاوز قواعد الحزب في التبني. أي بالكيفية التي جرى إنشاء الأفكار والأحكام بحسبها:

أولا: الاقتداء بالأنبياء السابقين:
النصوص الواردة في الكتاب عن الاقتداء بالأنبياء السابقين جاءت في اكثر من موضع وسأبرز بعضا منها:
1 - ص5 - : "فإن نهض مسلم بمثل هذا العمل إقتداءً بهم وامتثالا لأمرهم...".
2 - ص5 - : "فمن نهض من المسلمين بمثل عمل الأنبياء والمرسلين...".
3 - ص13 - : "فإن اقتدى مسلم بهم وقام بما قاموا به أي قام بنشر الهدى وتعليم الشرائع...".
4 - ص13 - : "فعمل حامل الدعوة مقارب لعمل الأنبياء والمرسلين، وكلام حامل الدعوة من كلامهم...".
5 - ص 13 - : "فأنبياء الله ورسله هم في مقدمة الموكب الكوني، يليهم العاملون بعملهم وهم حملة الدعوة...".
6 - ص13 - : "...وهذا هو السبيل القويم والمنهاج المستقيم الذي جاءت به رسل الله سبحانه. قال تعالى: ((لقد جاءت رسل ربنا بالحق)) وهو السبيل نفسه والمنهاج نفسه المطلوب من المسلمين العاملين المخلصين الداعين إلى الله".
7 - ص28 - : "فإننا ولاشك مطالبون بتعلم آيات القرآن كلها وتعليمها والعمل بها. ومنها آيات القصص....".
8 - ص29 - : "... وبعبارة أخرى فإن قصص الأنبياء والمرسلين ما هي إلا نماذج لكيفية حمل الدعوة إلى الأمم المختلفة".
9 - ص30 - : "فإن المسلم يحتاج إلى الوقوف على عدد من النماذج لكيفية حمل الدعوة إلى جميع الأقوام والأمم".
10- ص30 - : "والدليل على ما نقوله: قوله تعالى في سورة يوسف ((لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب)) فقد بين سبحانه أن هذه القصص تصديق للإسلام وتفصيل لكل شئ وهدى ورحمة لنا نحن المسلمين، وما دامت هذه القصص فيها تفصيل كل شئ وأنها هدى ورحمة لنا، فإن علينا تعلمها للاهتداء بها والاسترشاد بهديها".
11 - ص34 - : "والعبرة والدرس من هذه القصة هي أن حامل الدعوة كما قلنا من قبل يقتدي بالأنبياء...".
12 - ص35 - : "فعلى حامل الدعوة عندما يتلو قوله تعالى ((وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات...)) أن يثق بوعد الله هذا مقتدياً بنبي الله موسى عليه السلام في إيمانه بوعد الله".
13 - ص37 - : "هذه نماذج من العبر والدروس التي تستخلص من قصص الأنبياء والمرسلين وهي كلها مادة صالحة للاستنباط لأنها كما قلنا نماذج لكيفية حمل الدعوة".

هذا بعض ما جاء في الكتاب عن الاقتداء بالأنبياء والرسل السابقين. فبالله عليكم ماذا أبقى صاحب الكتاب للفاتيكان ومجلس الكنائس العالمي من الدعوة لحوار الأديان.
أن الإيراد الكثيف لموضوع الاقتداء بالرسل والأنبياء السابقين في هذا الكتاب ليبرز بشكل جلي معالم الانحراف ونوع العقليات التي أنتجت مثل هذه الأفكار وتبنتها.
فإنه واضح كل الوضوح أن الكتاب يطلب الاقتداء بالأنبياء السابقين والامتثال لأمرهم. وهذا من شأنه أن يغير كيان الحزب كله فكرة وطريقة، وهذا مخالف لقواعد الحزب في تبني الأفكار والأحكام. ولا مجال هنا للتبرير والتأويل لهذه النصوص، لأننا نفهم النصوص بحسب دلالتها لا بحسب قصد المؤلف، أي نتلقاها تلقياً فكرياً، ولأن التبرير والتأويل بغير ما يفيده الفهم التشريعي هو انحراف بحد ذاته. علاوة على أن قصد المؤلف واضح في معنى الاقتداء في كتابه، فالمؤلف لم يخف قصده لمعنى الاقتداء فبين انه يكون في الأخذ والتقليد في الأقوال والأعمال والسلوك والأخلاق، وهذا ما جاء في كتابه، صفحة 65 - يقول: "فالأصل في حامل الدعوة أن يكون عالماً وليعلم انه يجب أن يكون قدوة في أقواله يسمعونها منه فيأخذونها على أنها شرع ودين".
صفحة 66 - يقول: "وليتذكر دوما انه يجب أن يكون قدوة لغيره إماما لهم يقتدون به في أعماله وسلوكه".
صفحة 67 - يقول: "وهنيئاً لمن وفقه الله لحمل الدعوة وجعله قدوة لهم يقلدونه في أقوالهم بعمالهم بخلاقهم".
كما أن معنى الاقتداء والامتثال في اللغة:
في المعجم الوسيط: اقتديت به - ما تسننت به، اقتدى به - فعل مثل فعله تشبه به، والامتثال تعني: امتثل لأمره - أطاعه واحتذاه، وفي القاموس المحيط: امتثل طريقته - تبعها فلم يعدها.
فالقول بأن الكتاب ليس فيه أخطاء وإنما هناك اختلاف في أسلوبه عن باقي كتب الحزب، قول ينم عن جهل، لأن الأسلوب يتعلق بالتعبير عن الفكرة لا بكنهها، فقضية الكتاب هي انحراف فكري وليس تغيرّ في الأسلوب، ولا يجوز لأحد أن يدعي بأنه قد شقّ على قلب المؤلف واطلع على قصده، بل يجب الوقوف على نصوص الكتاب وفهمها بحسب دلالاتها.

يتبع

آخر تعديل بواسطة رفيق بالخصم ، 11-22-2011 الساعة 02:46 PM
رد مع اقتباس