عرض مشاركة واحدة
 
  #36  
قديم 12-28-2010
سليم سليم غير متواجد حالياً
عضو مرابط
 
تاريخ التسجيل: May 2009
المشاركات: 554
افتراضي رد: الرد على شبهات الشيعة

السلام عليكم
ومن الآيات التي استوقفت الشيعة والسنة وأخذت حيزًا كبيرًا في الحوارات والنقاشات بين الطرفين هي آية التــــطـــهيــــــــر:
يقول الله تعالى في سورة الأحزاب:" وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلاَ تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ ٱلْجَاهِلِيَّةِ ٱلأُولَىٰ وَأَقِمْنَ ٱلصَّلاَةَ وَآتِينَ ٱلزَّكَـاةَ وَأَطِعْنَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ ٱللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُـمُ ٱلرِّجْسَ أَهْلَ ٱلْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيـراً ".
كي نفهم الآية فهمًا جيدًا وصحيحًا يجب أن نتعرض للجو العام للسورة وتناسب آياتها والربط بين مقاطعها وأسباب النزول والسياق,وآخذون بعين الإعتبار أن القرآن كاملًا لا نقصان فيه ولا زيادة ,وأن ترتيب الآيات في السورة الواحدة ترتيب توقيفي .
الآية كما هو معلوم من سورة الأحزاب وهي سورة مدنية وتتألف من ثلاث وسبعين آية ,وليس لها اسم غير هذا الاسم "الأحزاب".
الجو العام للسورة:
السورة تدور حول ثلاثة محاور,الأول:الإعتقاد بالله والإستسلام لقدره,والثاني (وهو الرئيسي):مكانة النبي عليه الصلاة والسلام وتشريفه وتنزيهه وآل بيته والمؤمنين,وأما المحور الثالث:غزوة الأحزاب التي سميت السورة بها ونصر الله للرسول والمؤمنين.
ورغم أن للسورة ثلاثة محاور إلا أن المحور الثاني هو الأغلب والأهم,فالله سبحانه وتعالى افتتح السورة بقول سبحانه:" يٰأَيُّهَا ٱلنَّبِىّ ٱتَّقِ ٱللَّهَ",وقال ابن عاشور:"افتتاح السورة بخطاب النبي عليه الصلاة والسلام مؤذن بأن الأهم من سوق هذا السورة يتعلق بأحوال النبي عليه الصلاة والسلام".
إذاً فالمحور الأساسي والأهم هو بيان مكانة النبي وتشريفه وبيان أحواله وعلاقاته مع الناس وأزواجه.
والذي يهمنا هنا هو المقطع الذي يذكر فيه أحوال النبي عليه الصلاة والسلام مع أزواجه لأنه محل البحث والمقصود من هذا البيان.
هذا المقطع يبدأ من آية 30 وينتهي بآية 34,حيث يقول الله تعالى:" يٰنِسَآءَ ٱلنَّبِيِّ مَن يَأْتِ مِنكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا ٱلْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى ٱللَّهِ يَسِيراً*وَمَن يَقْنُتْ مِنكُنَّ للَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صَالِحاً نُؤْتِهَـآ أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ وَأَعْتَدْنَا لَهَا رِزْقاً كَرِيماً*يٰنِسَآءَ ٱلنَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ ٱلنِّسَآءِ إِنِ ٱتَّقَيْتُنَّ فَلاَ تَخْضَعْنَ بِٱلْقَوْلِ فَيَطْمَعَ ٱلَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَّعْرُوفاً*وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلاَ تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ ٱلْجَاهِلِيَّةِ ٱلأُولَىٰ وَأَقِمْنَ ٱلصَّلاَةَ وَآتِينَ ٱلزَّكَـاةَ وَأَطِعْنَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ ٱللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُـمُ ٱلرِّجْسَ أَهْلَ ٱلْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيـراً*وَٱذْكُـرْنَ مَا يُتْـلَىٰ فِي بُيُوتِكُـنَّ مِنْ آيَاتِ ٱللَّهِ وَٱلْحِكْـمَةِ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ لَطِيفاً خَبِيراً ".
في هذا المقطع عظّم الله أمر نساء النبي وشرفهن بالمخاطبة المباشرة مع تعظيم الله لنبيه بقرنهن به بقوله تعالى:" يٰنِسَآءَ ٱلنَّبِيِّ ",وهذا يدل على أن سياق الآيات في هذا المقطع يتعلق بنساء النبي ,والذي يدل على هذا ايضًا المقطع السابق وسياق آياته حيث يقول الله تعالى فيه:" يٰأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ قُل لأَزْوَاجِكَ إِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ ٱلْحَيَاةَ ٱلدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحاً جَمِيلاً } * { وَإِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ وَٱلدَّارَ ٱلآخِرَةَ فَإِنَّ ٱللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنكُنَّ أَجْراً عَظِيماً ",وهنا كما نلاحظ أن الله خاطب النبي عليه الصلاة والسلام بأمر أزواجه ,فالحديث في هذا المقطع عن نساء النبي عليه الصلاة والسلام وعليهن رضوان الله,وهذا واضح لكل من يعرف نقيرًا من النحو والإعراب ,فنون النسوة قد ملئت الآيتين ," كُنتُنَّ تُرِدْنَ " و" فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ " و" وَأُسَرِّحْكُنَّ ",وايضًا قوله تعالى:" وَإِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ وَٱلدَّارَ ٱلآخِرَةَ ",وكذلك قوله تعالى في آخر الآية وذكره المحسنات بجمع المؤنث السالم:" وَإِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ وَٱلدَّارَ ٱلآخِرَةَ فَإِنَّ ٱللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنكُنَّ أَجْراً عَظِيماً",وكذلك المقطع الذي يلي مقطعنا الحاوي على آية التطهير, فقد قال تعالى فيه:" إِنَّ ٱلْمُسْلِمِينَ وَٱلْمُسْلِمَاتِ وَٱلْمُؤْمِنِينَ وَٱلْمُؤْمِنَاتِ وَٱلْقَانِتِينَ وَٱلْقَانِتَاتِ وَٱلصَّادِقِينَ وَٱلصَّادِقَاتِ وَٱلصَّابِرِينَ وَٱلصَّابِرَاتِ وَٱلْخَاشِعِينَ وَٱلْخَاشِعَاتِ وَٱلْمُتَصَدِّقِينَ وَٱلْمُتَصَدِّقَاتِ وٱلصَّائِمِينَ وٱلصَّائِمَاتِ وَٱلْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَٱلْحَافِـظَاتِ وَٱلذَّاكِـرِينَ ٱللَّهَ كَثِيراً وَٱلذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ ٱللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً".
إذاً لدينا ثلاثة مقاطع: ما سبق مقطع التطهير ومقطع التطهير وما تلى مقطع التطهير, ونلاحظ أنه هناك تناسب بين هذه المقاطع الثلاثة:
التناسب بين المقطع السابق ومقطع التطهير:يظهر لنا التناسب بعد أن خيرهن الرسول عليه الصلاة والسلام واخترن الله والرسول, وبناءً على اختيارهن هذا فقد بين لهن الله أنهن لسن كغيرهن من النساء, وطالما أنهن وافقن واخترن الله ورسوله وجب عليهن الآتي كي يكن قدوات لغيرهن من نساء المسلمين:
1.عدم الترقيق في الكلام بالترخيم أو اللين.
2.القرار في البيت وعدم الخروج إلا للحاجة.
3.عدم إظهار زينتهن التي يحرم إظهارها للأجانب.
4.إقام الصلاة وإيتاء الزكاة وإطاعة الله ورسوله الكريم.
5. تحقيق صون العرض والسمعة والبعد عن المعاصي والذنوب والتجمل بالتقوى.
6.تعليم غيرهن القرآن والسنة,وذكر نعم الله عليهن بأن طهرهن من الرجس تطهيرًا.
وأما مناسبة مقطعنا والذي يليه :
بعد أن أمرهن الله ونهاهن عن الأمور السابق ذكرها,وبين ما لهن من الثواب والجزاء,ذكر صفات المسلمات بما فيهن نساء النبي عليه الصلاة والسلام, فهذا المقطع وإن جاء عامًا وشاملًا فإنه ينطبق ايضًا على نساء النبي عليه الصلاة والسلام,وكما قال البقاعي:" ولما حث سبحانه على المكارم والأخلاق الزاكية، وختم بالتذكير بالآيات والحكمة، أتبعه ما لمن تلبس من أهل البيت بما يدعو إليه ذلك من صفات الكمال، ولكنه ذكره على وجه يعم غيرهم من ذكر وأنثى مشاكلة لعموم الدعوة وشمول الرسالة، فقال جواباً لقول النساء: يا رسول الله! ذكر الله الرجال ولم يذكر النساء بخير فما فينا خير نذكر به، إنا نخاف أن لا يقبل منا طاعة، بادئاً الوصف الأول الأعم الأشهر من أوصاف أهل هذا الدين مؤكداً لأجل كثرة المنافقين المكذبين بمضمون هذا الخبر وغيرهم من المصارحين: { إن المسلمين } ولما كان اختلاف النوع موجباً للعطف، قال معلماً بالتشريك في الحكم: { والمسلمات }.
هذا الترتيب للمقاطع والتناسب بينها يدل دلالة لا غموض فيها ولا لبس على أن المقصود في التطهير هن نساء النبي صلى الله عليه وسلم.
والآن نأتي إلى تفسير آية التطهير:" وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلاَ تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ ٱلْجَاهِلِيَّةِ ٱلأُولَىٰ وَأَقِمْنَ ٱلصَّلاَةَ وَآتِينَ ٱلزَّكَـاةَ وَأَطِعْنَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ ٱللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُـمُ ٱلرِّجْسَ أَهْلَ ٱلْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيـراً ", مطلع الآية أُستهل بأمر نساء النبي عليه الصلاة والسلام أن يقرن في بيتوهن " وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ ", فالآية خطاب الله لنساء النبي ,فهن المقصودات في هذه الآية ,وبعد أن ذكر الله الأوامر والنواهي في حقهن أعقب بقوله تعالى دون فصل أو قطع أو تجزئة:" إِنَّمَا يُرِيدُ ٱللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُـمُ ٱلرِّجْسَ أَهْلَ ٱلْبَيْتِ " والجملة هنا إستئنافية تفيد التعليل,أي أن الله سبحانه وتعالى أمر نساء الرسول ما أمرهن ونهاهن عما نهاهن كي يذهب عنهن الرجس , والرجس في الأصل الشيء القذر واستعير هنا للذنوب والنقائص الدينية لأنها تجعل عِرض الإنسان في الدنيا والآخرة مرذولاً مكروهاً كالجسم الملوّث بالقذر. .
وقال ابن عاشور:" فإن موقع { إنما } يفيد ربط ما بعدها بما قبلها لأن حرف (إنَّ) جزء من { إنما } وحرف (إن) من شأنه أن يغني غناء فاء التسبب كما بينه الشيخ عبد القاهر، فالمعنى أمَركن الله بما أمر ونَهاكُنّ عما نهى لأنه أراد لكُنّ تخلية عن النقائص والتحْلية بالكمالات, وهذا التعليل وقع معترضاً بين الأوامر والنواهي المتعاطفة."اهـ
والدليل على أن نساء النبي عليه الصلاة والسلام في الأصل هن المقصودات في هذه الآية:
1.سياق الآيات وترابط مقاطع السورة
2.قوله تعالى: " وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ " و " أَهْلَ ٱلْبَيْتِ ",فبيوتكن المقصود بها بيوت نساء النبي, وكل بيت من بيوتهن هو بيت له عليه الصلاة والسلام, وأهل ذلك البين هم الذين يسكنون فيه, واللواتي سكنّ في تلك البيوت _بيوت سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام _هن نساؤه رضي الله عنهن .
3.وأما ما يأخذه بعض الناس ويتمسكون به ويتشبطون به كما يفعل الصغير بدميته وقولهم أن الله سبحانه وتعالى قال في نفس الآية مباشرة " لِيُذْهِبَ عَنكُـمُ ٱلرِّجْسَ أَهْلَ ٱلْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيـراً ",فذكر هم هنا بصيغة جمع المذكر ولم يذكر بصيغة تدل عليهن,فهذا يكون بيانه بسهولة كما يلي:
1.كما سبق وذكرت فإن بيوت نسائه هي بيوته أيضًا, فهو عليه الصلاة والسلام والسلام واحد من أهل تلك البيوت, ومن عادة العرب إن كان الخطاب لجماعة وفيها رجل واحد يخاطبون الجماعة بصيغة المذكر .
وتوحيد البيت لأن بيوت الأزواج المطهرات باعتبار الإضافة إلى النبـي صلى الله عليه وسلم بيت واحد وجمعه فيما سبق ولحق باعتبار الإضافة إلى الأزواج المطهرات اللاتي كن متعددات وجمعه في قوله سبحانه الآتي إن شاء الله تعالى:
{ يَـٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ لاَ تَدْخُلُواْ بُيُوتَ ٱلنَّبِىّ إِلاَّ أَن يُؤْذَنَ لَكُمْ }
[الأحزاب: 53] دفعاً لتوهم إرادة بيت زينب لو أفرد من حيث إن سبب النزول أمر وقع فيه كما ستطلع عليه إن شاء الله تعالى.
2.قال الله تعالى "عنكم " و" يطهركم" ولم يقل "عليكن" و"يطهركن" ,وذلك ليضم غير أهل تلك البيوت من نسائه فاطمة والحسن والحسين وعلي رضي الله عنهم أجمعين, فلو قال"عليكن" لما دخل غير نساؤه في آية التطهير لأنهن أصل أهل بيت الرجل.
لأن الرجل يكون من أهل بيته ايضًا ,والرسول عليه الصلاة والسلام رب البيت وواحد من أعضائه,فيكون الجمع بصيغة المذكر لأنه يضم رب البيت وهو رسولنا الكريم عليه الصلاة والسلام.
وبهذا يتضح أن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم هن آل بيته بصريح الآية، وأن فاطمة وابنيْها وزوجها مجعولون أهل بيته بدعائه أو بتأويل الآية على محاملها.
3. أخرج ابن أبـي حاتم وابن عساكر من طريق عكرمة عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما نزلت { إِنَّمَا يُرِيدُ ٱللَّهُ } الخ في نساء النبـي صلى الله عليه وسلم خاصة، وأخرج ابن مردويه من طريق ابن جبير عنه ذلك بدون لفظ خاصة، وقال عكرمة من شاء باهلته أنها نزلت في أزواج النبـي صلى الله عليه وسلم، وأخرج ابن جرير وابن مردويه عن عكرمة أنه قال في الآية: ليس بالذي تذهبون إليه إنما هو نساء النبـي صلى الله عليه وسلم. وروى ابن جرير أيضاً أن عكرمة كان ينادي في السوق أن قوله تعالى: { إِنَّمَا يُرِيدُ ٱللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُـمُ ٱلرّجْسَ أَهْلَ ٱلْبَيْتِ } نزل في نساء النبـي عليه الصلاة والسلام، وأخرج ابن سعد عن عروة { لِيُذْهِبَ عَنكُـمُ ٱلرّجْسَ أَهْلَ ٱلْبَيْتِ } قال: يعني أزواج النبـي صلى الله عليه وسلم.
هذا والله أعلم
__________________
رمضان أسم حروفه ناصعة=فالراء رحمة من الله واسعة
وميمه مغفرة منه جامعة=والضاد ضياء جنة رائعة
والألف احسان وألفة ماتعة=ونونه نُزل الصائمين ناعمة

آخر تعديل بواسطة سليم ، 12-30-2010 الساعة 02:58 AM
رد مع اقتباس