عرض مشاركة واحدة
 
  #16  
قديم 01-01-2011
الصورة الرمزية admin
admin admin غير متواجد حالياً
Administrator
 
تاريخ التسجيل: May 2009
المشاركات: 14,425
افتراضي رد: ارجو تفسير هذه الأيه الكريمه

أخي موسى، أخي علاء،

بعد قرائتي لكلاً من مداخلتيكم، رأيت أنه من المناسب أن أتكلم قليلا عن (الظن)، وأجعله مدخلاً لشرح الآية الكريم في النهاية، حيث أن موضوع الظن ظهر في مداخلة أخي موسى، وفي مداخلة أخي علاء،



فقد إستشهد علاء بقوله عز وجل (وَمَا يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُم إِلَّا ظَنّاً إِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ) (يونس10: 36) على أن بعض المفسرين يتبعون الظن في تفسيرهم لبعض آيات القرآن الكريم،



ورد عليه موسى بقوله



(والحقيقة أنك ذهبت لأبعد من ذلك فوصفت المفسر بأنه اتبع الظن، واتباع الظن حرام)





أما الظن في القرآن الكريم جاء في كثير من الآيات ليبين لنا أمور عديده مهمة، تعالوا معي نقف على بعض هذه الأمور:-




· جاء الظن في بعض آيات القرآن الكريم بمنى (المعرفة الإيمانية التي قد تصل لدرجة التأكد أو حتى لدرجة اليقين).



قد يأتي الظن بمعنى (التأكد) أو (اليقين)



1. يقول عز وجل (وَقَالَ لِلَّذِي ظَنَّ أَنَّهُ نَاجٍ مِنْهُمَا اذْكُرْنِي عِندَ رَبِّكَ فَأَنسَاهُ الشَّيْطَانُ ذِكْرَ رَبِّهِ فَلَبِثَ فِي السِّجْنِ بِضْعَ سِنِينَ). يوسف 012: 042

2. يقول عز وجل (قَالَ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا أَنزَلَ هَؤُلَاءِ إِلَّا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ بَصَائِرَ وَإِنِّي لأَظُنُّكَ يَافِرْعَوْنُ مَثْبُوراً). الإسراء 017: 102
ظن: تأكد وتيقن بخبر من الله



3. يقول عز وجل (حَتَّى إِذَا اسْتَيْئَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُم قَد كُذِبُوا جَاءَهُم نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَن نَشَاءُ وَلَا يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ). يوسف 012: 110
ظنوا: وجدوا من ردود من حولهم فعلاً



4. يقول عز وجل (الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُلَاقُوا رَبِّهِم وَأَنَّهُم إِلَيْهِ رَاجِعُونَ). البقرة 002: 046
5. يقول عز وجل (قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُلَاقُوا اللَّهِ كَم مِن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَت فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ). البقرة 002: 249
6. يقول عز وجل (إِنِّي ظَنَنتُ أَنِّي مُلَاقٍ حِسَابِيَه). الحاقة 069: 020
يظنون: يؤمنون ويوقنون



7. يقول عز وجل (فَإِن طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِن بَعْدُ حَتَّى تَنكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ فَإِن طَلَّقَهَا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَن يَتَرَاجَعَا إِن ظَنَّا أَن يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ يُبَيِّنُهَا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ). البقرة 002: 230
ظنا: إعتقدا إعتقادا جازماً وراسخاً



8. يقول عز وجل (وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّى إِذَا ضَاقَت عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَت وَضَاقَت عَلَيْهِمْ أَنفُسُهُم وَظَنُّوا أَن لَّا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ). التوبة 009: 118
ظنوا: عرفوا وعلموا وآمنوا وتأكدوا



9. يقول عز وجل (هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُم فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ حَتَّى إِذَا كُنتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِم بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُوا بِهَا جَاءَتْهَا رِيحٌ عَاصِفٌ وَجَاءَهُمُ الْمَوْجُ مِن كُلِّ مَكَانٍ وَظَنُّوا أَنَّهُم أُحِيطَ بِهِم دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ لَئِن أَنجَيْتَنَا مِن هَذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ). يونس 010: 022
ظنوا: شاهدوا الإشارات والدلائل والبراهين القاطعة



10. يقول عز وجل (وَرَءَا الْمُجْرِمُونَ النَّارَ فَظَنُّوا أَنَّهُم مُوَاقِعُوهَا وَلَم يَجِدُوا عَنْهَا مَصْرِفاً). الكهف 018: 053
ظنوا: تأكدوا برؤيتهم بالعين




فهذه الآيات بينت أن الظن قد يكون من الأنبياء أو المؤمنين أو المضطرين أو حتى من المجرمين، والظن هنا بمعنى المعرفة اليقينية، ولكن يبقى ظناً لأن الله قادر على تغيير مجريات هذه الأمور التي نراها يقينية بحسبما يشاء عز وجل، فإن شاء الله فإنه قادر أن يعفوا عن المجرمين بعد أن يروا النار، وهو قادر أن شاء أن ينجي أهل الفلك من الريح العاصفة التي ستغرق سفينتهم، وما هذا على الله بعزيز، وقد جاء على لسان عيسى عليه الصلاة والسلام في قوله عز وجل (إِن تُعَذِّبْهُم فَإِنَّهُم عِبَادُكَ وَإِن تَغْفِر لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) (المائدة5: 118).



فالظن هو نظرتك لمعلومة معينة من جهة مدى إعتقادك بصحتها أو خطئها، أما العلوم فهي على أنواع منها:-





· نوع أخبرنا به عز وجل، وهذا النوع من العلوم لا يجوز فيه ظن، لأنه خبر من الله، سواءاً كان الخبر في كتابه الكريم أو على لسان رسوله الأمين، فلا يجوز الظن بوحدانية الله، ولا يجوز الظن بوجود الملائكة والرسل والكتب السماوية ولا في القدر ولا في اليوم الآخر ولا في الجنة ولا في النار ولا في الجان ولا في اللوح المحفوظ ولا في العرش وكرسيه، وهكذا هناك أمور كثيرة نعتبرها يقينية ولا يجوز أن نشك بصحتها لأن خبرها كان منه سبحانه وتعالى. فلن يقبل عز وجل عبادة من أحد غير متأكد أن يوم القيامة حق، ولكنه يخشى أن يكون هذا الأمور صحيح، لذلك يعبد الله إحتياطاً خوفا من أن يكون يوم القيامة حقاً، فهذه النية فاسدة عند الله، ولهذا فإنه يصف إعتقاد المؤمنين باليوم الآخر بقوله عز وجل (وَبِالأَخِرَةِ هُم يُوقِنُونَ) (البقرة2: 4).



· نوع يختص بذات الله سبحانه وتعالى وما يتعلق بهذه الذات مما إرتبط بها من أسماء وصفات، وفي هذا الشق من المعلومات لا يجوز التشكيك فيه ولا يجوز الزيادة عليه، فهذه المعلومات نستقيها من الكتاب والسنة المؤكدة ولا نقوم بالتوضيح أو التفسير، نأخذها كما هي وننقلها كما هي، فعقولنا قاصرة وعاجزة ومحدودة عن فهم هذه الأمور الفوقية المتصلة بذات الله، وأهم ما نعرفه عن ذات الله أنها النفس الكاملة التي لا تحتاج شيء بل وهي خالقة كل شيء، فالله هو خالق الزمان والمكان والإتجاهات والماء والعرش وكرسي العرش واللوح المحفوظ والقلم والسماوات والأرض والجنة والنار والملائكة والجان والدواب والإنسان، والله هو الغني وكل مخلوقاته فقيرة ومحتاجة إليه في كل لحظة من وجودها، وما لم يخبرنا عنه عز وجل فنحن لا نعرفه، فنحن لا نعرف ماهية إستواء الله على العرش، ولا نقول بخلق القرآن، ولا نصف كيف هي يد الله، ولا كيف هو سمع الله أو كيف يرى أو كيف هي قدمه، وهكذا، ففي هذه الأمور لا نقول إلا ما جاء عنه سبحانه وتعالى أو أخبر به رسوله، فلا نصف الله إلا بما وصف به نفسه وأفضل ما يقال هنا (الله أعلم). فإن أنت تكلمت بما لم يخبرك به الله عن نفسه، فهذا ظن خطير يصل لدرجة الإدعاء على الله وقد يكون كفراً، وإن أنت إعتقدت أنك قادر على خداع الله أو الفرار منه أو حفظ نفسك من الموت، أو منع البعث أو النشور أو الحساب أو عذاب النار عن نفسك أو أن تكون لك مشيئة فوق مشيئته سبحانه وتعالى تكون ظاناً ظن الجاهلية والكفر.




· نوع آخر من العلوم ما نتكلم به عن أمور متوقعة الحدوث في المستقبل عن أنفسنا (نستثني ما تكلما عنه سابقا مما أخبرنا به الله)، وهذه الأمور كلها ظنية، وليس منها ما هو أكيد ولو كان بعد لحظات بسيطة، فإن أنت قلت أنك ستعد قدح من شاي، أو أنك ستقرأ آية من القرآن، أو ستلبس حذائك، أو ستذهب للعمل، أو ستتناول طعام الإفطار، أو حتى ستغمض عينك، أو غيرها من الأمور، فهذه كلها أمور غيبية لا يعلمها إلا الله، لذلك تبقى أمور ظنية، حدوثها فقط بيد الله، ، فعليك أن ترجع مشيئة حدوثها أو عدمه لله عز وجل، وإن أردت إظهار رغبتك أو نيتك القيام بها إعادة المشيئة في الحدوث لله عز وجل يقول سبحانه وتعالى (وَلَا تَقُولَنَّ لِشَايْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَداً * إِلَّا أَن يَشَاءَ اللَّهُ) (الكهف18: 23-24). فإن أنت تكلمت عن شيء من هذه الأمور على أنه سيقع لا محالة فكأنك نصبت نفسك إلهاً مع الله وإدعيت لنفسك القدر في إحداث الأمور رغماً عنه عز وجل وهذا أمور خطير في الإعتقاد قد يذهب بصاحبه للكفر والشرك. وعلينا التنبيه إلى أن التكلم عن أمور مستقبلية أنها ستحدث قد يصل لمراحل خطيرة فقد يصل لدرجة العرافة والتنجيم التي حذرنا منها الله ورسوله.



· نوع آخر من العلوم ما نتكلم به عن غيرنا بأنه حصل، فإن أنت تكلمت عن غيرك بأمور ليست أكيدة، أي لا أدلة شرعية عليها، فإن هذا من إتباع الظن، لربما كان ما تقوله صحيحاً، ولكنه غير مقبول عند الله، فمثلاً في حال إثبات واقعة الزنا يشترط على المدعي أن يكون أحد أربعة شهداء، فلو أن شاهداً عدلاً صادقاً معروف عليه الصدق رمى إمرأة بالزنا ولم يأتي معه بثلاثة شهود آخرين لوقع عليه حد الجلد ثمانين جلدة، فالله يريد منا أن نظهر محاسن غيرنا وأن نستر عوراتهم وسيئاتهم، وأن لا نتتبع هذه العورات، وفي حالة أننا تلكمنا بأمور ظنية عنه فإن الله قد يعتبر بعضاً من هذا الظن إثماً موجباً للعقوبة الربانية في الدنيا أو الآخرة أو في كليهما.

-- يتبع --
__________________
اللهم علمنا ما ينفعنا - وإنفعنا بما علمتنا
اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا إتباعه - وأرنا الباطل باطلا وأرزقنا إجتنابه
اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك
اللهم إجعل عملنا خالصا لوجهك الكريم
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبة وسلم
رد مع اقتباس