عرض مشاركة واحدة
 
  #38  
قديم 02-17-2014
نائل أبو محمد نائل أبو محمد غير متواجد حالياً
عضو بناء
 
تاريخ التسجيل: May 2009
المشاركات: 6,651
افتراضي رد: كتاب : الفرية الكبرى صفين والجمل

وأما رده دراية فمن وجوه:
أحدها: أنه يتعارض مع القرآن والسنة في أن كل من صاحب النبي صلى الله عليه وسلم أنه من أهل الجنة لا من أهل النار، كما تقدمت الأدلة عليه في حق المبشرين العشرة، وفي حق المهاجرين والأنصار، وفي حق أهل بدر وأُحد والرضوان، وفي حق الذين أنفقوا من بعد وقاتلوا، هؤلاء هم أصحاب النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم الذين أخبر القرآن والسنة بالأدلة القاطعة أنهم من أهل الجنة، ولم يثبت عن أحد منهم ارتد أو حتى فسق ومات دون توبة، فلا يستقيم البتة أن يُلغي ذلك حديث ولو كان صحيحاً، فكيف بحديث مضطرب المتن يخضع للظن والاحتمالات، فمن باب أولى أن لا تقوم به حجة في ذلك.
ثانيها: إن هذا الحديث يصطدم مع القرآن والسنة أيضاً في أن الصحابة لن ولم يرتدوا، قال الله تعالى من سورة التحريم آية(8) {يوم لا يُخزي الله النبي والذين آمنوا معه نورهم يسعى بين أيديهم وبأيمانهم} ومعلوم أنه لا يأمن من الخزي في ذلك اليوم إلا الذين ماتوا والله ورسوله عنهم راض، وهذا خاص بأصحاب النبي محمد صلى الله عليه وسلم، فقد قال الله تعالى {والذين آمنوا معه} ولم يقل {آمنوا به} وهذا ما عليه أئمة المسلمين وفقهاؤهم على مر العصور .
وكذلك يصطدم مع حديث عقبة بن عامر الثابت المتفق على صحته {وإني والله ما أخاف عليكم أن تشركوا بعدي ولكن أخاف عليكم الدنيا أن تنافسوا فيها} ، فهو صريح في أنهم لن يشركوا ولن يرتدوا فهو قَسَمٌ من رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك.
فهذان النصان من الكتاب والسنة كفيلان برد حديث ردة الصحابة ولو كان صحيحاً غير معتل، فكيف وهو مضطرب المتن؟!!! فمن باب أولى أنه يُرد ولا تقوم به حجة في هذا الموضوع.
ثالثها: على فرض سلامته من العلل والمعارضة، فإنه يحتمل أكثر من معنى، فقوله صلى الله عليه وسلم {رب أصحابي} يحتمل معنى مجازياً غير ما زعموه، أي الذين على ديني، لا في خصوص الصحابة، كما تقول أصحاب الشافعي وأصحاب أبي حنيفة، أي الذين على مذهبهما ورأيهما ولو لم يلتقوا بهما، ويدل عليه ما جاء في بعض الروايات {رب أُمتي}.
وأما قوله {رب أصيحابي} على التصغير والقلة، فيحتمل أنه أراد المنافقين الإثني عشر بقوله صلى الله عليه وسلم {في أصحابي إثنا عشر منافقاً لا يدخلون الجنة} ، فيحتمل أنهم دخلاء بين الصحابة لقلتهم لا أنهم من صحابته، لأنه قال {في أصحابي} ولم يقل {من أصحابي} ثم إن هؤلاء الإثني عشر قد انكشفوا حين همّوا أن يفتكوا برسول الله صلى الله عليه وسلم في طريق عودته من غزوة تبوك، وأخبر حذيفة عنهم وعن أسمائهم ، وفيهم نزل قول الله تعالى {يحلفون بالله ما قالوا ولقد قالوا كلمة الكفر وكفروا بعد إسلامهم وهموا بما لم ينالوا} ، وقيل هم أهل مسجد الضرار ، وسواء عرفناهم أم لم نعرفهم، فإنه لم يثبت لأحد منهم رواية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلا يكونون من الصحابة إلا على سبيل الانتساب لهم ادعاءً وكذباً، سيما وأن الله تعالى قد أخبر عن كفرهم في الآية آنفاً.
أما ما يقال بأنهم لما طلبوا من النبي صلى الله عليه وسلم أن يبعث من يقتل أولئك المنافقين، قال: {أكْرَهُ أن يتحدث الناس أن محمداً يقتل أصحابه} ، فهو على اعتبار الظاهر من أحوالهم عند الناس، لا على اعتبار أنهم صحابة لا شرعاً ولا لغةً ولا عرفاً، وهذه المقولة قالها أيضاً في حق ابن أُبي بن سلول حينما طلب عمر قتله ، ولم يقل عنه أحد أنه من الصحابة ومن أهل الرضا، وبهذه الاحتمالات يسقط الإستدلال بحديث الحوض على ما أرادوه من هذا الوجه أيضاً.
رد مع اقتباس