من فقه القران
من مصارف الزكاة
الشيخ الدكتور محمد سليم محمد علي
خطيب المسجد الأقصى المبارك
أستاذ الفقه المقارن\جامعة القدس
قال الله تعالى( إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِّنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ) التوبة 60
من فقه الآية الكريمة وفوائدها المسائل الآتية:
المسألة الأولى : الصدقات جمع صدقة وهي الزكاة المفروضة وسميت صدقة لدلالتها على صدقة إيمان المزكي.
المسألة الثانية : الزكاة هي جزء من شكر العبد لله تعالى على ما انعم عليه من مال.
المسألة الثالثة : من الذين تعطى لهم الزكاة الفقير والمسكين.
والفقير: الذي يملك من المال ما لا يكفيه حوائجه الأصلية.
والمسكين : كذلك لكنه اشد فقرا من الفقير ولهذا استعاذ النبي صلى الله عليه وسلم من الفقر,وسأل الله عز وجل أن يحشره مع زمرة المساكين فقال (اللهم أحيني مسكينا وامتني مسكيناً).
المسألة الرابعة : وإذا كان الفقير والمسكين لا يملكان مالاً أو يملكان من المال ما لاً يكفيهما وأردنا تطبيق هذه المسألة على حال الناس في بيت المقدس وأكنافه وجدنا أن اغلبهم من الفقراء والمساكين لان منهم من هو عاطل عن العمل لعدم توفره له,أو يعمل كالموظفين,لكن راتبه لا يكفيه..
المسألة الخامسة : ومن الذين يعطون من الزكاة المؤلفة قلوبهم ويندرج تحت هذا الصنف في بيت المقدس وأكنافه الشباب الذين لا يجدون عملاً أو مكاناً للتعليم,فيهيمون على وجوههم,فيتساقطون أمنيا وأخلاقيا فهؤلاء تجب لهم الزكاة لتأليف قلوبهم على عدم إعطاء الولاء للكافر المحارب,وبخاصة أنهم ثغر من ثغر الإسلام.
المسألة السادسة : وأما الرقاب وهم من الأصناف الذين تجب لهم الزكاة فيدخل فيهم أسارى المسلمين في السجون فهؤلاء أيضا من أهل الزكاة.
المسالة السابعة : وأما صنف (في سبيل الله الذين يعطون من الزكاة,فالفقهاء بينوا أن هذا الصنف يشمل الجهاد ومستلزماته ومن مستلزماته تثبيت المسلمين في تطويرهم كأهل بيت المقدس وأكنافه.
المسألة الثامنة : وإذا فهمنا كل ما قلناه سابقاً, رأينا أن أهل بيت المقدس وأكنافه, يجمعون في آن واحد أربعة أصناف من الذين تجب لهم الزكاة وهذا يعني أن يعيد الأغنياء حساباتهم وبخاصة أغنياء المسلمين خارج فلسطين وان يخصوا أهل بيت المقدس بالزكاة لأنهم:
(1) من الفقراء
(2) من المساكين
(3) بعضهم من المؤلفة قلوبهم
(4) والبعض الآخر من (الرقاب) أي الأسارى.
المسألة التاسعة : والحكمة من الزكاة إِغناء الفقراء وإخراجهم من دائرة الفقر إلى دائرة الغنى,لأن الزكاة في الإسلام إنتاجية,وليست استهلاكية فشعارها (اغنوهم) وليس (ابقوا الفقراء فقراء).
وهذا ما عبر عنه الفقهاء بإعطاء الفقير حد الكفاية ..
المسألة العاشرة : واختلف الفقهاء في حد الكفاية على رأيين الرأي
الأول: كفاية سنة بسنة. والرأي
الثاني : كفاية العمر
والراجح هو الرأي الثاني وهو إعطاء الفقير كفاية العمر لإخراجه من فقره وإغنائه.
وصورة كفاية الفقير عمره كله,هو أن يعطيه الغني من المال ما يكفيه لإقامة مشروع يدر عليه دخلاً ولو كان حجم هذا المشروع صغيراً
المسألة الحادية عشرة : وإذا فقهنا مسألة إغناء الفقراء بالزكاة على هذا الوجه الذي حدده الشارع الحكيم,فإنه يجب على إخواننا من الدول العربية أن يعرفوا أن يضعوا أموالهم وألا يضيعوها على موائد الإفطار الرمضانية وغيرها من المشاريع التي تبقي الفقير فقيرا ولا ترفع عنهم عند الله تعالى المسؤولية عن إغناء فقراء بيت المقدس وأكنافها لتثبيتهم على مواصلة الرباط .