من فقه القرآن سورة القصص الشيخ الدكتور محمد سليم محمد علي خطيب المسجد الأقصى المبارك عضو «الهيئة الادارية » لهيئة العلماء والدعاة في فلسطين استاذ الفقه المقارن/ جامعة القدس www.algantan.com
« الحلقة الثالثة »
ومن الفوائد الفقهية والتربوية في سورة القصص ما سيأتي في المسائل الآتية: * المسألة الاولى: قوله تعالى (فالتقطه آل فرعون) فيه دلالة على مشروعية «اللقطة »، فآل فرعون التقطوا الصندوق ولم يعرفوا ان به بشراً وهو موسى عليه الصلاة والسلام الا بعد ان فتحوه .» * المسألة الثانية: واللقطة في لغة العرب: «ما وجد من غير طلب ولا ارادة «وفي الشرع هي » المال الذي يوجد على الارض ولا يعرف له مالك .» * المسألة الثالثة: وقوله تعالى(ليكون لهم عدواً وحزناً)، آخذ آل فرعون موسى ليكون لهم قرة عين، فكان عاقبة التقاطهم له ان كان لهم عدواً وحزناً، وعلاقة هذا المعنى، للمعنى الشرعي للقطة، ان الملتقط اللقطة ان اخذها ناوياً عدم ردها لأصحابها، أثم وأصبح ذلك في حقه حراماً، وعاقبة الحرام والاثم وان لم يتب منه الانسان هو الحزن لعذاب الله الذي سيحل به، فيكون التقاطه للقطة في هذه الحالة عداوة لمصيره الذي سيؤول اليه من غضب الله تعالى وعذابه. *المسألة الرابعة: ومسؤولية المسلم اذا التقط لقطة انه يجب عليه تعريفها اذا كانت مالاً متقوماً محترماً ذا قيمة، لمدة سنة، فإن جاء مالكها ردها اليه، وان لم يجيء، جاز له تملكها وتكون كسائر امواله، لقوله صلى الله عليه وسلم «فإن جاء صاحبها فأعطاها اياه، والا فهي لك(. * المسألة الخامسة: قوله تعالى (فوكزه موسى فقضى عليه) تربية لمسلم على الصبر عند المنازعات والخصومات، وكما قال النبي صلى الله عليه وسلم (ليس الشديد بالصرعة ولكن الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب) فموسى عليه السلام اراد رفع الظلم عن الاسرائيلي من القبطي الذي اعتدى عليه، فوكزه موسى، اي ضربه بيده في صدره، لا يريد قتله، فقتله، فالمسلم يحذر من استخدام يده عند الخصومة، ضرب ضربة تكون قاتلة، ويعقبها الندم والخسارة، واستخدام اليد في فض الخصومات من الشيطان واغوائه، والمسلم يعلم عداوة الشيطان، فيعمل على تصبير نفسه، ولهذا رجع موسى الى نفسه وقال عندما قتل القبطي «هذا من عمل الشيطان، انه عدو مضل مبين. * المسألة السادسة: ومن سمات المسلم الصالح، المبادرة الى التوبة، والانابة الى الله تعالى، فور صدور الذنب او المعصية منه، ونتعلم هذا من موسى عليه الصلاة والسلام، حيث قال بعد موت القبطي خطأ بيده( رب اني ظلمت نفسي، فاغفر لي فغفر له انه هو الغفور الرحيم). وكان هذا الفعل، اي القتل الخطأ من موسى عليه الصلاة، والسلام على سبيل الخطأ، وقبل النبوة. * المسألة السابعة: ويعطي موسى عليه الصلاة والسلام، علماء المسلمين في كل عصر وجيل، درساً في الثبات على الحق والدين، وعدم الانجراف وراء نعيم الدنيا الزائل بمظاهرة الحكام الظلمة او الكفرة بالولاء لهم او منافقتهم، فيقول(رب بما انعمت علي فلن اكون ظهيراً للمجرمين)، اي بما انعمت عليّ من المعرفة والحكم والتوحيد فلن اظاهر المجرمين بمصاحبة فرعون والانتظام في جملة اتباعه، وتكثير سواده، وهكذا يكون العالم الرباني، بما انعم الله عليه من المعرفة والتوحيد، لا ينافق جباراً ولا يواليه. * المسألة الثامنة: وكل حاكم ينكر وجود الله تعالى، ويكفر به سبحانه فقد حكم عليه بالاجرام، فلن اكون ظهيراً للمجرمين ومعلوم ان المجرم غير الحاكم، يسفك الدماء ولا يراعي لها حرمة، ويعتدي على الاعراض والاموال، فكيف اذا كان المجرم حاكماً كافراً، فان تلك الجرائم تسهل عليه، ولا يتحرك له ضمير بارتكابها! وهذا واقع تعيشه البشرية اليوم، فلا حرمة لحقوق الانسان، وبخاصة الانسان المسلم الذي يريد للفضيلة ان تبقى، للرذيلة ان تفنى. * المسألة التاسعة: والمسلم قد يكون شجاعاً، وهذا هو الأصل، وقد يخاف ويكون جباناً، وهذا لا يتنافى مع المعرفة بالله تعالى، ومع التوكل عليه سبحانه، فهما صفتان يخلق عليهما الانسان، اي انسان كان، والخوف في حق الانبياء غير الجبن، فالانبياء يخافون ولكن لا يجبنون، وعلى المسلم الاقتداء بالانبياء والمرسلين فلا يجبن وان اعتراه الخوف في حالة من الحالات، وقد وصف الله عز وجل في الآية موسى بالخوف والترقب، فقال (فأصبح في المدينة خائفاً يترقب) اي يلتفت من الخوف، ويترقب الطلب، وما يتحدث به الناس. *المسألة العاشرة: وفي قوله تعالى يترقب والتي من معانيها: انتظار ما يتحدث به الناس حث المسلم على التيقظ، ومتابعة ما يجري حوله من احداث تتعلق به وبالمسلمين جميعاً، لكي يظل متأهباً لمواجهة ما يدور من حوله، وما يحاك ضده من مؤامرات. * المسألة الحادية عشرة: الانسان الجبار في الارض هو الذي يقتل نفسين بغير حق، فحين ظن الاسرائيلي ان موسى سيقتله حين استنصره في اليوم الثاني قال له (أتريد ان تقتلني كما قتلت نفساً بالامس ان تريد الا ان تكون جباراً في الارض وما تريد ان تكون من المصلحين). فكم في الارض من جبار غير مصلح، لفساد عقيدته، وخلو قلبه من الايمان. نسأل الله العفو والعافية في الدين والدنيا والآخرة
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم للشهيد عند الله ست خصال يغفر له في أول دفعة ويرى مقعده من الجنة ويجار من عذاب القبر ويأمن من الفزع الأكبر ويوضع على رأسه تاج الوقار الياقوتة منها خير من الدنيا وما فيها ويزوج اثنتين وسبعين زوجة من الحور العين ويشفع في سبعين من أقاربه. رواه الترمذي وابن ماجه وصححه الألبانى ....
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم للشهيد عند الله ست خصال يغفر له في أول دفعة ويرى مقعده من الجنة ويجار من عذاب القبر ويأمن من الفزع الأكبر ويوضع على رأسه تاج الوقار الياقوتة منها خير من الدنيا وما فيها ويزوج اثنتين وسبعين زوجة من الحور العين ويشفع في سبعين من أقاربه. رواه الترمذي وابن ماجه وصححه الألبانى ....