القرآن ليس للدعاية الوطنية
بقلم: عبد الله النحوي
{الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَل لَّهُ عِوَجَا}
والصلاةُ والسلامُ على رسولِ اللهِ القائل:-" يُؤتى يومُ القيامةِ بالقرآنِ وأهلِه الذين كانوا يعملون به في الدنيا، تَقدُمُه سورةُ البقرةِ وآلُ عمران، تُحاجّانِ عن صاحبِهما ".
أيها الإخوةُ: كتابُ اللهِ هو الحقُّ الذي لا يأتيه الباطلُ من بينِ يديهِ ولا من خلفهِ، كتابُ اللهِ هو المخرجُ من الفتنِ، هو حبلُ اللهِ المتين، هو الذكرُ الحكيمُ، هو الصراطُ المستقيمُ، هو الذي لا تزيغُ به الأهواءُ، ولا تَلتبسُ به الألسنةُ، ولا يَشبعُ منه العلماءُ الصادقون، لا تَنقضي عجائبُه، من قالَ به صَدق، ومن عَمِل به أُجِر، ومن حَكمَ به عَدل، ومن دعا إليه هُدِيَّ إلى صراطٍ مستقيم. هذا هو كتابُ اللهِ الذي ينتظرُ الآن من يُطبقُه ويأخذُه بحقِه، ويجعلُه أساساً لأنظمةِ حياتِه.
أيها المؤمنون:- القرآنُ العظيمُ في زمانِنا يُهانُ ويُدنسُ ويُسيّسُ، أُهينَ يومَ أُزيلَ عن سُدةِ الحُكمِ وهُدمتْ دولتُه التي كانت تُطبقُه، دُنّسَ يومَ أقدمَ أعداءُ اللهِ _ الأمريكانُ واليهودُ _ على تَنجيسِه. وسُيّسَ يومَ قامَ الحكامُ المجرمون بمباركةِ علماءِ قصورِهم في عالمِنا الإسلامي بجعلِه مكاناً للدعايةِ الوطنيةِ والتملقِ للزعماءِ الذين عطلوا كتابَ اللهِ واتخذوه وراءَهم ظِهرياً بأن دَمغوه بألفاظٍ وألقابٍ ما أنزلَ اللهُ بها من سُلطانٍ ابتداءً من خادمِ الحرمين ملكِ المملكةِ السَعودية، ومروراً بحاكمِ الجمهوريةِ المصريةِ، وانتهاءً إلى ما يُسمى بمصحفِ بيتِ المقدسِ الذي تَعمل وزارةُ الأوقافِ على نَشرهِ في بلادِنا برعايةِ رئيسها، وهم بهذا الفعلِ قد استخدموه للدعايةِ للدولةِ الفلسطينيةِ التي ليس لها وجودٌ إلا على الورقِ، للترويجِ لهذا الزعيمِ الذي صُنع على عينِ الكافرِ المستعمر. وهم بهذا التَسييسِ لكتابِ اللهِ قد أتَوْا ببدعةٍ جديدةٍ بتسميتِهم له ( مصحفُ بيتِ المقدس ) لأننا نَعرفُ بأنَّ سيدَنا عثمانَ عندما جمعَ المصحفَ أرسلَ منه نُسخاً إلى مكةَ والشامِ واليمنِ والبحرينِ والبصرةِ والكوفةِ وأبقى في المدينةِ واحداً. واصطُلحَ على تَسميةِ هذه النُسخِ بمصحفِ عُثمان.
أيها المسلمون:-
رسولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم يقولُ لكم " إنَّ اللهَ يَرفعُ بهذا الكتابِ أقواماً ويَضعُ به آخرين.." فحكامُكم يُصرّونَ على أن يَكونوا من المَوضُوعينَ بعدمِ تَطبيقِه ومحاربةِ حملتِه. فماذا عنكم أنتم أيها التالونَ لكتابِ اللهِ، هل تُريدونَ أن تَكونوا من الذين يُرفعونَ بهذا الكتابِ، إذا كانَ الجوابُ بالإيجابِ، فعليكم أن تكونوا من الذين يَعملون لإيجادِ دولةِ القرآنِ التي تَعمل على وَضعهِ في المكانِ اللائقِ به، حَكماً بين العبادِ ومُنظماً لأحوالِ البلاد.
اللهم اجعلنا من الذين يقرؤونَ حروفَه ويُقيمون حدودَه ولا تجعلنا من الذين يقرؤونَ حروفَه ويُضيعون حُدودَه. وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
|
العرض العادي
