لقمان آخر زمان
|
|
|
|
بسم الله الرحمن الرحيم
اليوم، وبعد خروجي من المسجد الأقصى المبارك بعد الشروق، توجهت لمحلي لوضع التسجيلات المتبقية علي على الموقع، ثم جلست قليلا باب المحل في الهواء الطلق أطلب بورودته، وفي لحظة ما شد سمعي صوتُ رجل قادم من بعيد، يتكلم بصوت عال، فقط كنت أسمعه بوضوح مع أنه يبعد عني أكثر من عشرين متر، إلتفت بإتجاه هذا الصوت فإذا برحل نحيف يمشي بعصبية تسمع دعسات أقدامه على الأرض من شدة ما يشد على نفسه وهو يكلم إبنه، فقلت في نفسي، لا بد أن الأمر الذي يكلم به هذا الرجل إبنه غاية في الأهمية!!!
بدء الرجل كلماته مع إبنه بقوله (يا بني)، مع أنه قالها بالعامية إلا أن هذه الكلمات حملتني مباشرة لأجواء لقمان الحكيم وهو يعظ إبنه، فقد بدء الكلام معه ب (يَابُنَيَّ لَا تُشْرِك بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ)، وكون العقل أسرع بكثير من الأذن، كانت الأفكار قد دارت بسرعة في ذهني فجذبتني لأسمع كلام الاب لإبنه لعل فيها حكمة كما في حكمة لقمان، ولعلي أستفيد من هذا الكلام!!!
ولكن عندما وصلت باقي كلمات هذا الأب لأذني، إستغربت أيما إستغراب، وإليكم بعض ما أتذكره وبعض ما سمعته من هذا الرجل، فهناك كلمات قالها لإبنه الصغير الذي لم يتجاوز السبع سنوات أخجل أن أكتبها:
يا بني، إذا ضربك أحد فأضربه،
فإنك إن لم تضربه سأضربك أنا،
وإذا شتمك أحد فاشتمه،
فإن سب أبوك سب أبوه وأبو أبوه
وإن سب أمك سب أمه وأبو امه،
وأن قال لك ..... (كذا) قل له ..... (كذا وكذا)
....
....
....
وتوارى الرجل وإبنه حتى غاب الصوت.....
فما رأيكم بهذا التدريب وهذا التعليم وهذه الأخلاق التي يزرعها هذا الأب في نفس إبنه.
أين نحن من قوله عز وجل (وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ).
وأين نحن من قوله (وَإِن تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ)
وأين نحن من أخلاق الرسول عليه الصلاة والسلام الذي قال فيه ربه (فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَو كُنتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِن حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُم وَاسْتَغْفِر لَهُمْ وَشَاوِرْهُم فِي الأَمْرِ)
وأين نحن من قوله صلى الله عليه وسلم (المسلم أخ المسلم لا يحقره ويلا يخذله ولا يسلمه)
وأين نحن من قوله عليه الصلاة والسلام (تبسمك في وجه أخيك صدقة)
لقد نسينا أن العفو عن الناس سيكون سببا في عفو الله عنا، يقول عز وجل (إِن تُبْدُوا خَيْراً أَو تُخْفُوهُ أَو تَعْفُوا عَن سُوءٍ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوّاً قَدِيراً)
ونسينا أنه سيكون لنا أجر عظيم عند الله بالعفو عن سيئات الناس، يقول عز وجل (وَجَزَاؤُا سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَن عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ).
فالعفو مطلب ربانية وصل لدرجة الأمر، يقول عز وجل (خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُر بِالْعُرْفِ وَأَعْرِض عَنِ الْجَـهِلِينَ)،
فأين أنت يا لقمان الحكيم تسمع ما يعلمه الناس لأبنائهم اليوم
لقد ضاعت الحكمة
وضلت عن الناس
وصدق الله عندما قال (يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَن يَشَاءُ وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَد أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُوْلُواْ الأَلْبَابِ)،
اللهم إجعلنا منهم.
|
|
|
|
|
__________________
اللهم علمنا ما ينفعنا - وإنفعنا بما علمتنا
اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا إتباعه - وأرنا الباطل باطلا وأرزقنا إجتنابه
اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك
اللهم إجعل عملنا خالصا لوجهك الكريم
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبة وسلم
آخر تعديل بواسطة admin ، 07-23-2011 الساعة 04:00 PM
|