مجموعة ديرتنتا لجميع أنواع التصاميم والطباعة والتعبئه لشركات...  آخر رد: الياسمينا    <::>    متخصصون في جميع أنواع التصميم والطباعة والتعبئه لشركات المست...  آخر رد: الياسمينا    <::>    كيف تحقق أكثر من 1000 دولار بالشهر بسعر وجبة عشاء  آخر رد: الياسمينا    <::>    سكاي فليكس يوفر لك كل احتياجاتك الخاصه في مكان واحد  آخر رد: الياسمينا    <::>    دعوة لحضور لقاء "القانون وريادة الأعمال" للتعريف بالإجراءات ...  آخر رد: الياسمينا    <::>    مكتب انجاز استخراج تصاريح الزواج  آخر رد: الياسمينا    <::>    المحامية رباب المعبي : حكم لصالح موكلنا بأحقيتة للمبالغ محل ...  آخر رد: الياسمينا    <::>    منتجات يوسيرين: رفع مستوى روتين العناية بالبشرة مع ويلنس سوق  آخر رد: الياسمينا    <::>    اكتشفي منتجات لاروش بوزيه الفريدة من نوعها في ويلنس سوق  آخر رد: الياسمينا    <::>    منتجات العناية بالبشرة  آخر رد: الياسمينا    <::>   
 
العودة   منتدى المسجد الأقصى المبارك > المنتدى الفكري
التسجيل التعليمات الملحقات التقويم مشاركات اليوم البحث

 
إضافة رد
 
أدوات الموضوع ابحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
 
  #71  
قديم 02-28-2011
الصورة الرمزية admin
admin admin غير متواجد حالياً
Administrator
 
تاريخ التسجيل: May 2009
المشاركات: 14,425
افتراضي رد: ثناء ابن باز رحمه الله تعالى على كتـــــــــــــاب فقه الزكاة للشيخ العلامة القرضاوي

ترجيح القول بتزكية المال المستفاد عند قبضه
وبعد مقارنة هذه الأقوال، وموازنة أدلة بعضها ببعض، وبعد استقراء النصوص الواردة في أحكام الزكاة في شتى أنواع المال، وبعد النظر في حكمة تشريع الزكاة، ومقصود الشارع من وراء فريضتها، والاستهداء بما تقتضيه مصلحة الإيلام والمسلمين في عصرنا هذا ؛ فالذي أختاره: أن المال المستفاد - كراتب الموظف وأجر العامل ودخل الطبيب والمهندس والمحامى وغيرهم، من ذوى المهن الحرة وكإيراد رأس المال المستغل في غير التجارة كالسيارات والسفن والطائرات والمطابع والفنادق ودور اللهو ونحوها - لا يشترط لوجوب الزكاة فيه مرور حول، بل يزكيه حين يقبضه.
ولكي يتضح رأينا جليا في هذا الموضوع الخطير نضع أمام كل باحث النقاط التالية لكى يظهر الحق مؤيدًا بالدليل:
إن اشتراط الحول في كل مال -حتى المستفاد منه- ليس فيه نص في مرتبة الصحيح أو الحسن الذي يؤخذ منه حكم شرعي عام للأمة، وتقيد به النصوص المطلقة، وهذا ما صرح به علماء الحديث وإنما صح ذلك من قول بعض الصحابة كما ذكرنا.
إن الصحابة والتابعين -رضى الله عنهم- اختلفوا في المال المستفاد فمنهم من اشترط له الحول، ومنهم من لم يشترط، وأوجب إخراج الزكاة منه حين يستفيد المسلم، وإذا اختلفوا لم يكن قول بعضهم أولى من بعض، ورد الأمر إلى النصوص الأخرى، وقواعد الإسلام العامة، كما قال تعالى: (فإن تنازعتم في شئ فردوه إلى الله والرسول)(النساء: 59).
إن عدم وجود نص ولا إجماع في حكم المال المستفاد، جعل المذاهب المعروفة تختلف اختلافًا بينًا في شأنه، مما جعل ابن حزم يرميها بأنها: " كلها دعاوٍ مجردة، وتقاسيم فاسدة متناقضة، ولا دليل على صحة شئ منها، لا من قرآن، ولا من سُنَّة صحيحة، ولا من رواية سقيمة، ولا من إجماع، ولا من قياس، ولا من رأى له وجه".
ولقد عانيتُ بنفسي من اختلاف المذاهب فيما بينها في هذا الأمر، واختلاف الأقوال والطرائق داخل كل مذهب، واختلاف التصحيحات والترجيحات لكل منها، ووجدت عشرات من المسائل وعشرات من التفريعات عليها، تتعلق بما يُستفاد من المال، وأقسامه وأنواعه، هل يُضم إلى ما عنده أو لا يُضم، أم يُضم البعض دون البعض، هل يُضم في النصاب أم في الحَوْل أم كليهما؟ تذكر بحوث حول هذا الأمر في زكاة الأنعام، وفى زكاة النقود، وفي زكاة عروض التجارة، وفي فروع أخر ؛ مما جعلني أستبعد أن تأتي الشريعة السمحة الميسرة التي تخاطب عموم الناس، بمثل هذه التفريعات المعقدة الصعبة في فريضة عامة يُكلَّف بها جمهور الأمة.
إن مَن لم يشترط الحَوْل في المال المستفاد أقرب إلى عموم النصوص وإطلاقها ممن اشترط الحَوْل ؛ إذ النصوص الموجبة للزكاة في القرآن والسُنَّة جاءت عامة مطلقة، وليس فيها اشتراط الحَوْل مثل: "هاتوا رُبع عُشر أموالكم"، "في الرِّقةَ ربع العُشر"، كما يؤيد ذلك عموم قوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا أنفقوا من طيبات ما كسبتم)(البقرة: 267).
فقوله: "ما كسبتم" لفظ عام يشمل كل كسب من تجارة أو وظيفة أو مهنة.
وقد استدل الفقهاء بها على زكاة التجارة، فلا غرو أن نستدل بها على زكاة كسب العمل والمهنة، وإذا كان الفقهاء قد اشترطوا الحول في زكاة التجارة فذلك لتعذر الفصل بين أصل المال والربح المستفاد منه، فقد يتحصل الربح يومًا يومًا، وربما ساعة ساعة، بخلاف الرواتب ونحوها فإنها تأتي مستقلة ومقدرة.
وإذا كان عموم النصوص وإطلاقها يسند مَن لم يشترط الحَوْل في المال المستفاد، فإن القياس الصحيح يؤيده كذلك ؛ قياس وجوب الزكاة في النقود ونحوها حين يستفيدها المسلم على وجوب الزكاة في الزرع والثمار عند الحصاد والجذاذ، فإذا كنا نأخذ من الزارع ولو مستأجرًا عُشر زرعه وثمره، أو نصف عُشره، فلماذا لا نأخذ من الموظف أو الطبيب مثلاً رُبع عُشر كسبه؟ وقد قرن الله بين ما كسبه المسلم وما أخرجه الله من الأرض في آية واحدة فقال: (يا أيها الذين آمنوا أنفقوا من طيبات ما كسبتم ومما أخرجنا لكم من الأرض)، فلماذا نفرق بين أمرين نظمهما الله في عقد واحد، وكلاهما من رزق الله وإنعام الله؟
صحيح أن نعمة الله في إنبات الزرع وإخراج الثمر أظهر، والشكر عليها أوجب، بيد أن هذا لا يسوغ إيجاب الزكاة في أحد المالين أو الدخلين وإعفاء الآخر مطلقًا، حسبنا من الفرق بينهما أن الشارع أوجب في الخارج من الأرض العُشر أو نصفه، وفي المال المكتسب من النقود -أو ما يقدر بالنقود- ربع العشر.
إن اشتراط الحَوْل في المال المستفاد معناه إعفاء كثير من كبار الموظفين وأصحاب المهن الحرة من وجوب الزكاة في دخولهم الضخمة ؛ لأنهم أحد رجلين: إما رجل يستغل كل ما يقبض من إيراده أولا بأول في أي مجال من مجالات التثمير المختلفة، وإما رجل من المترفهين المتوسعين بل المسرفين الذين ينفقون كل ما يكسبون وإن بلغ ما بلغ، ويبعثرونه ذات اليمين وذات الشمال، دون أن يحول عليه حول ومعنى هذا: جعل عبء الزكاة على المعتدلين المقتصدين وحدهم، الذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قوامًا، فهؤلاء هم الذين يدخرون من كسبهم ما يمكن أن يحول عليه الحَوْل، ومن المستبعد أن يأتي الشرع الحكيم العادل بشرط يخفف عن المسرفين، ويضع العبء على كاهل المقتصدين.
إن القول باشتراط الحَوْل في المال المستفاد انتهى إلى تناقض جلى يأباه عدل الإسلام وحكمته في فرض الزكاة.
من ذلك: "أن الفلاح الذي يزرع أرضًا مستأجرة يؤخذ منه -على المفتَى به في المذاهب السائدة- (10%) أو (5%) من غلَّة الأرض إذا بلغت (50) كيلة مصرية بمجرد حصاد الزرع وتصفية الخارج.
أما مالك الأرض نفسه الذي قد يقبض في ساعة واحدة مئات الدنانير، أو آلافها من كراء هذه الأرض، فلا يوجد منه شئ -على المفتى به في المذاهب السائدة أيضًا- لأنهم يشترطون أن يحول الحول على هذه المئات أو الآلاف في يده،وقلما يكون، وكذلك الطبيب والمهندس والمحامى وصاحب سيارات النقل أو صاحب الفندق ..... الخ . وما أدى إلى هذا التناقض إلا التقديس لأقوال فقهية غير معصومة، انتهى إليها اجتهاد علماء يؤخذ من كلامهم ويترك ؛ وما يدرينا أنهم لو أدركوا هذا العصر وشهدوا ما شهدنا، لغيروا اجتهادهم في كثير من المسائل؟ كما هو معلوم من سير الأئمة رضي الله عنهم.
إن تزكية المال المستفاد عقب استفادته، ومنه الرواتب والأجور وإيراد رؤوس الأموال غير التجارية وما في حكمها، وإيراد ذوى المهن الحرة أنفع للفقراء والمستحقين، حيث يمكن أن تأتى بحصيلة ضخمة لبيت مال الزكاة، مع سهولة التحصيل للحكومة، وسهولة دفع الزكاة على الممول، وذلك بأخذها من رواتب الموظفين والعمال في الحكومة والمؤسسات عن طريق ما يسميه علماء الضريبة "الحجز في المنبع" على نحو ما كان يفعل ابن مسعود ومعاوية وعمر بن عبد العزيز -رضى الله عنهم -، من اقتطاع الزكاة من "العطاء" إذا أعطوه، وكلمة "العطاء" تعنى رواتب الجند ومن في حكمهم في ذلك العهد.
قال أبو الوليد الباجي: "العطاء في الشرع واقع على ما يعطيه الإمام للناس من بيت المال على سبيل الأرزاق" (الرواتب).
روى ابن أبى شيبة عن هبيرة قال: "كان ابن مسعود يزكى أعطياتهم من كل ألف خمسة وعشرين" . ورواه الطبراني عنه أيضًا (قال في مجمع الزوائد (3/68) :ورجاله ورجال الصحيح خلا هبيرة وهو ثقة).
وعن عون عن محمد قال: "رأيت الأمراء إذا أعطوا العطاء زكوه" (مصنف ابن أبى شيبة: 4 /42 -44 - طبع ملتان).
وعن عمر بن عبد العزيز: أنه كان يزكى العطاء والجائزة (مصنف ابن أبى شيبة: 4 /42 -44 - طبع ملتان).
وروى مالك في الموطأ عن ابن شهاب أنه قال: "أول من أخذ من الأعطية الزكاة معاوية بن أبى سفيان" (انظر شرح المنتقى على الموطأ: 2 / 95 - طبع السعادة).
ويظهر أنه يريد: أول من أخذ من الخلفاء، فقد أخذها قبله عبد الله بن مسعود كما ذكرنا.
إن إيجاب الزكاة في تلك الدخول المستفادة يتفق وهدى الإسلام في غرس معاني البر والبذل والمواساة والإعطاء في نفس المسلم، والإحساس بالمجتمع، والمشاركة في احتمال أعبائه، وجعل ذلك فضيلة دائمة له، وعنصرًا أساسيًا من عناصر شخصيته .. قال تعالى في أوصاف المتقين: (ومما رزقناهم ينفقون)(البقرة:3) وقال سبحانه: (يا أيها الذين آمنوا أنفقوا مما رزقناكم)(البقرة: 254) ولهذا أوجب النبي -صلى الله عليه وسلم- على كل مسلم صدقة من ماله أو من كسبه وعمله أو مما يستطيع.
روى البخاري عن أبى موسى الأشعري عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "على كل مسلم صدقة"فقالوا: يا نبي الله ؛ فمن لم يجد؟ قال: "يعمل بيده فينفع نفسه ويتصدق" قالوا: فإن لم يجد ؟ قال: "يعين ذا الحاجة الملهوف" قالوا: فإن لم يستطع ؟ قال: "فليعمل بالمعروف وليمسك عن الشر، فإنها له صدقة"(صحيح البخاري كتاب "الزكاة" - باب "على كل مسلم صدقة": 2 / 143 - طبع الشعب).
وإعفاء تلك الدخول المتجددة من الصدقة الواجبة انتظارًا لحولان الحَوْل عليها، يجعل كثيرًا من الناس يكسبون وينفقون وينعمون، دون أن ينفقوا مما رزقهم الله في سبيل الله ويواسوا من لم يؤته الله نعمة الغنى أو القدرة على الاكتساب.
10ـ إن عدم اشتراط الحول للمال المستفاد أعون على ضبط أموال الزكاة وتنظيم شأنها بالنظر للمكلف الذي تجب عليه الزكاة، وبالنظر للإدارة التي تتولى جباية الزكاة، إذ على القول باشتراط الحول يجب على كل من يستفيد مالا -قل أو كثر، من راتب أو مكافأة أو غلة عقار له أو غير ذلك من ألوان الإيراد المختلفة - أن يحدد تاريخ ورود كل مبلغ ؛ ومتى يتم حوله ليخرج زكاته في حينه، ومعنى هذا أن الفرد المسلم قد تكون عنده في العام الواحد عشرات المواقيت لمقادير ما استفاده من أموال في أزمنة مختلفة، وهذا أمر يشق ضبطه، وهو عند قيام الحكومة بجباية الزكاة أمر يعسر حصره وتنظيمه، ومن شأنه أن يعطل جباية الزكاة ويعوق سيرها (المرجع السابق).
__________________
اللهم علمنا ما ينفعنا - وإنفعنا بما علمتنا
اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا إتباعه - وأرنا الباطل باطلا وأرزقنا إجتنابه
اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك
اللهم إجعل عملنا خالصا لوجهك الكريم
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبة وسلم
رد مع اقتباس
 
 
  #72  
قديم 02-28-2011
الصورة الرمزية admin
admin admin غير متواجد حالياً
Administrator
 
تاريخ التسجيل: May 2009
المشاركات: 14,425
افتراضي رأى معاصر

رأى معاصر
ومن الإنصاف أن نذكر هنا أن الكاتب الإسلامي المعروف، الشيخ محمد الغزالى، عرض فى كتابه "الإسلام والأوضاع الاقتصادية" لهذا الموضوع منذ أكثر من عشرين عامًا، فبعد أن ذكر أن قاعدة فرض الزكاة في الإسلام إما أن تعتبر برأس المال فقط - زاد أو نقص أو بقى على حاله - ما دام قد مرَّ عليه عام،وذلك كزكاة النقود، وعروض التجارة، التي أوجب إخراج ربع العُشر منها، وإما أن تُعتبر بمقدار الدخل، دون نظر إلى رأس المال كزكاة الزروع والثمار التي أوجب فيها العُشر أو نصف العُشر، قال بعد ذلك :.
ونخلص من هذا إلى أن من له دخل لا يقل عن دخل الفلاح الذي تجب عليه الزكاة يجب أن يخرج زكاة مساوية، ولا عبرة البتة برأس المال ولا بما يتبعه من شرط.
فالطبيب والمحامى والمهندس والصانع وطوائف المحترفين والموظفين وأشباههم تجب عليهم الزكاة، ولا بد أن تخرج من دخلهم الكبير، ولنا على ذلك دليلان:
الأول: عموم النص في قول القرآن الكريم: (يا أيها الذين آمنوا أنفقوا من طيبات ما كسبتم)(البقرة: 267) ولا شك أن ربح الطبقات الآنفة الذكر كسب طيب يجب الإنفاق منه، وبهذا الإنفاق الواجب يدخلون في عداد المؤمنين الذين ذكر القرآن أنهم هم: (الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون) (البقرة 3).
والدليل الثاني: أن الإسلام لا يتصور في حقه أن يفرض الزكاة على فلاح يملك خمسة أفدنة (أقول: بل على الفلاح المستأجر الذي لا يملك قيراطًا واحدًا من الأرض إذا أغلت أرضه خمسين كيلة من الأذرة أو الشعير كما هو رأى الجمهور)، ويترك صاحب عمارة تدر عليه محصول خمسين فدانًا، أو يترك طبيبًا يكسب من عيادته في اليوم الواحد ما يكسبه الفلاح في عام طويل من أرضه إذا أغلت بضعة أرادب من القمح ضربت عليها الزكاة يوم الحصاد.
لا بد إذن من تقدير زكاة على أولئك جميعًا، وما دامت العلة المشتركة التي يناط بها الحكم موجودة في الطرفين، فلا ينبغي المراء في إمضاء هذا القياس وقبوله نتائجه.
وقد يقال: كيف نقدر الزكاة؟ وعلى أي نسبة تكون؟ والجواب سهل ؛ فقد قدر الإسلام زكاة الثمار بين العُشر ونصف العُشر، على قدر عناء الزارع في ري أرضه، فلتكن زكاة كل دخل على قدر عناء صاحبه في عمله.
ومن الممكن إيضاح التفاصيل وتفريع المسائل، وتحديد القيم، بعد أن يتقرر هذا الأصل الخطير، والأمر لا يستقل به تفكير واحد، بل يحتاج إلى تعاون العلماء والباحثين (الإسلام والأوضاع الاقتصادية ص 166- 168 - الطبعة الخامسة).
وهذا كلام جيد، يدل على فقه عميق لأصول الإسلام ومبادئه، والدليلان اللذان استند إليهما الأستاذ لا مطعن فيهما، فقد استدل بعموم النص القرآني، وبالقياس على المنصوص.
غير أن المنهج الذي سلكناه هنا في الاستدلال أقرب مأخذًا من منهج أستاذنا الغزالى، حيث لا خروج فيه على الإجماع، وإنما هو اختيار مما ذهب إليه بعض الصحابة والتابعين ومن بعدهم من فقهاء الأمة.
وإذا كان في ذلك خروج على المذاهب الأربعة المعتمدة فلم يجئ نص عن الله تعالى ورسوله -صلى الله عليه وسلم- ولا عن أئمة المذاهب أنفسهم -رضى اللَّه عنهم- بوجوب اتباعهم وتقليدهم وتحريم الخروج عن اجتهادهم (راجع ما كتبناه في المقدمة عن القواعد التي التزمناها فى الاختيار والترجيح بين الأقوال) بل هم قد نهوا عن تقليدهم، كما ذكرنا ذلك في مقدمة الكتاب.
__________________
اللهم علمنا ما ينفعنا - وإنفعنا بما علمتنا
اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا إتباعه - وأرنا الباطل باطلا وأرزقنا إجتنابه
اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك
اللهم إجعل عملنا خالصا لوجهك الكريم
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبة وسلم
رد مع اقتباس
 
 
  #73  
قديم 02-28-2011
الصورة الرمزية admin
admin admin غير متواجد حالياً
Administrator
 
تاريخ التسجيل: May 2009
المشاركات: 14,425
افتراضي مقدار الواجب في كسب العمل ونحوه توسط

مقدار الواجب في كسب العمل ونحوه توسط
أما النسبة التي تؤخذ من ألوان الدخل والإيراد المختلفة، وكم تكون ؟ والتي دعا الأستاذ الغزالي فيه إلى تعاون العلماء والباحثين، فقد انتهينا فيها بعد البحث والموازنة إلى رأى نسجله هنا وهو:
إن الدخل الناتج عن رأس المال وحده، أو رأس المال والعمل معا -كإيراد المصانع والعمائر والمطابع والفنادق والسيارات والطائرات ونحوها- فيه العُشر من الصافي بعد النفقات والديون والحاجات الأصلية ....الخ، قياسًا على دخل الأرض الزراعية، التي تسقى بغير كلفة.
وقد تقدم قول الشيخ أبى زهرة وزميليه في زكاة العمارات والمصانع: أنه إن أمكن معرفة صافى الغلات بعد النفقات والتكاليف -كما هو الشأن في الشركات الصناعية- فإن الزكاة تؤخذ من الصافي بمقدار العشر، وإن لم يمكن معرفة الصافي على وجهه كالعمارات المختلفة ونحوها، فإن الزكاة تؤخذ من الغلة بمقدار نصف العشر، وهو تقسيم مقبول.
ونعني برأس المال هنا: رأس المال غير المستغل في التجارة، أما رأس المال المتداول في التجارة فيؤخذ منه ومن ربحه معا ربع العُشر، كما هو مقرر في موضعه.
وأما الدخل الناتج عن العمل وحده كإيراد الموظفين وذوى المهن الحرة الناتج من أعمالهم، فالواجب فيه ربع العشر فقط، عملاً بعموم النصوص التي أوجبت في النقود ربع العُشر، سواء أكانت مستفادة أم حال عليها الحول، وتطبيقًا للأصل الإسلامي في اعتبار الجهد مخففًا لمقدار الواجب واستئناسًا بما عمل به ابن مسعود ومعاوية من اقتطاع هذه النسبة -باعتبارها زكاة- من أعطيات الجنود وغيرهم من المرتبين في ديوان العطاء، وما فعله بعدهما الخليفة الراشد عمر بن عبد العزيز ، فالقياس على هذه الأعطيات أولى من القياس على دخل الأرض المزروعة، وإنما يقاس عليها إيراد العمائر والمصانع ونحوها، من رؤوس الأموال التي ينتفع بدخلها مع بقاء عينها.
ومعنى هذا أن معاملة دخل العمل أخف من معاملة دخل رأس المال الخالص، أو رأس المال الممتزج بالعمل، وهو ما سارت عليه الضرائب الحديثة، إذ نادى رجال الفكر المالي بأن العدالة تقتضي تفاوت نسب الضريبة على الدخل حسب قوة مصادره وضعفها، وأصبح من أهم خصائص "شخصية الضريبة" التي تصيب الدخل: أنها تراعي مصادره ولما كان الأصل ألا تخرج مصادر الدخل عن ثلاثة: رأس المال، والعمل، ورأس المال والعمل معا، فإن المقرر في عالم الضرائب: أن تسري الضريبة على إيراد رأس المال المنقول أو العقاري بسعر يزيد على ذلك الذي يتحدد للضريبة التي تصيب كسب العمل، وذلك على اعتبار أن رأس المال أكثر المصادر استقرارًا وثباتا، وأن العمل أقلها بقاءً.
وقالوا: إن مراعاة مصدر الدخل من شأنه أن يجعل الضريبة المفروضة قادرة على تخفيف الأعباء الضريبية على أصحاب الدخول التي تفيض من مصادر ضعيفة، وبذلك تسهم في تحقيق العدالة في التوزيع (انظر: مبادئ علم المالية العامة للدكتور محمد فؤاد إبراهيم: 1 / 284).
بل تطرف بعض الاشتراكيين فنادى بإعفاء دخل العمل من كل ضريبة، تمييزًا للعمل وتشجيعًا.
ولكن النظرية الإسلامية في الزكاة: أنها شكر للنعمة، وتزكية للنفس، وتطهير للمال، وقيام بحق الله، وحق المجتمع، وحق الضعيف.
هذه النظرية تحتم أخذ الزكاة من كسب العمل، كما تحتم أخذها من غيره، وإن اختلفت مقادير الواجب.
__________________
اللهم علمنا ما ينفعنا - وإنفعنا بما علمتنا
اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا إتباعه - وأرنا الباطل باطلا وأرزقنا إجتنابه
اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك
اللهم إجعل عملنا خالصا لوجهك الكريم
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبة وسلم
رد مع اقتباس
 
 
  #74  
قديم 02-28-2011
الصورة الرمزية admin
admin admin غير متواجد حالياً
Administrator
 
تاريخ التسجيل: May 2009
المشاركات: 14,425
افتراضي نصاب كسب العمل والمهن الحرة

نصاب كسب العمل والمهن الحرة


مقدمة
من المعلوم أن الإسلام لم يوجب الزكاة في كل مال قلَّ أو كثر، وإنما أوجبها فيما بلغ نصابًا فارغًا من الدَيْن وفاضلاً عن الحاجات الأصلية لمالكه، وذلك ليتحقق معنى الغنى الموجب للزكاة، فإنها إنما تؤخذ من الأغنياء، وليتحقق معنى العفو الذي جعله القرآن وعاء الإنفاق (والعفو ما فضل عن الحاجة) قال تعالى :(ويسألونك ماذا ينفقون قل العفو)(البقرة: 219) وقال عليه الصلاة والسلام:"لا صدقة إلا عن ظهر غنى" ، "وابدأ بمن تعول" وقد حققنا ذلك في شروط المال الذي تجب فيه الزكاة.
وإذا كانت الزكاة لا تجب إلا في نصاب، فما مقدار النصاب هنا؟
مال الأستاذ الغزالي في كلامه السابق إلى اعتباره هنا بنصاب الزروع والثمار، فمن له دخل لا يقل عن دخل الفلاح الذي تلزمه الزكاة تؤخذ منه الزكاة، ومعنى هذا بلغة الفقه: أن من بلغ دخله قيمة خمسة أوسق أو (50 كيلة مصرية) أو (647) كيلو جرامًا وزنًا، من أدنى ما تخرجه الأرض كالشعير أخذت منه الزكاة ؛ وهذا رأى له وجهه.
ولكن ربما كان للشارع قصد خاص في تقليل نصاب الزرع، لأن به قوام معيشة الإنسان.
وأولى من ذلك أن يكون نصاب النقود هو المعتبر هنا، وقد حددناه بما قيمته (85) جرامًا من الذهب، وهذا القدر يساوى العشرين مثقالاً التي جاءت بها الآثار.
كما أن الناس يقبضون رواتبهم وإيراداتهم بالنقود، فالأولى أن يكون المعتبر هو نصاب النقود.

بقي هنا بحث
فإن ذوى المهن الحرة يأتيهم إيرادهم غير منتظم، فقد يكون كل يوم كدخل الطبيب، وقد يكون على فترات كدخل المحامي والمقاول والخياط وهكذا، وبعض العمال يقبضون أجورهم كل أسبوع أو أسبوعين، وجمهور الموظفين يقبضون رواتبهم كل شهر، فكيف نعتبر النصاب في هذه الأحوال؟
وهنا نجد أمامنا اتجاهين أو احتمالين:
الأول: أن يعتبر النصاب في كل مبلغ يقبض من الدخل أو المال المستفاد فما بلغ منه نصابًا كالرواتب العالية، والمكافآت الكبيرة للموظفين والعاملين، والدفعات الكبيرة لذوى المهن الحرة ففيه الزكاة، وما لم يبلغ نصابًا منها فلا زكاة فيه.
وهذا الاحتمال له وجهه، فهو يعفى ذوى الرواتب الصغيرة، ويقصر وجوب الزكاة على كبار الموظفين ومن في حكمهم ؛ وفي هذا تحقيق للتقارب والعدل الاجتماعي.
كما أن هذا هو الظاهر من قول الصحابة والفقهاء الذين قالوا بتزكية المال المستفاد عند قبضه إذا بلغ نصابًا.
وإنما تجب الزكاة على هذا الاحتمال، إذا بقى عند نهاية الحول ما يبلغ نصابًا.
ولكننا لو اعتبرنا النصاب بكل دفعة يقبضها المسلم من أجره أو راتبه أو إيراده لكان معنى ذلك إعفاء جمهور ذوي المهن الحرة الذين يأتيهم إيرادهم على دفعات متقاربة، وقلَّما تبلغ الدفعة منها نصابًا، ولو جُمِعت هذه الدفعات في زمن متقارب لبلغت نصابًا بل نُصُبًا، وكذلك كثير من الموظفين والعمال (هذا على تقديرنا النصاب بعشرين مثقالاً من الذهب أما لو قُدِّر بالفضة فقلَّما يوجد راتب لا يبلغ النصاب) وهنا يبرز الاتجاه أو الاحتمال الثاني، وهو ضم الدخل أو المال المستفاد على فترات في مدة متقاربة.
وقد وجدنا الفقهاء قالوا مثل ذلك في نصاب المعدن، أن ما خرج على دفعات في مدة متصلة لم يحصل بينها انقطاع كامل بغير عذر، يضم بعضه إلى بعض في إكمال النصاب.
وكذلك اختلفوا في ضم زرع العام الواحد وثمره بعضه إلى بعض، وقال الحنابلة: يُضم أنواع الجنس بعضها إلى بعض في تكميل النصاب من زرع عام واحد أو ثمرته، ولو تعدد البلد ولو كان الثمر من شجر يحمل في السنة حملين ضُم بعضه إلى بعض في تكميل النصاب ؛ لأنها ثمرة عام واحد، كالذرة التي تنبت مرتين (انظر شرح غاية المنتهى: 2/ 59).
وعلى هذا الأساس نستطيع أن نقول: إن السنة تُعتبر وحدة في نظر الشارع -وكذلك في نظر رجال الضرائب الحديثة - ولهذا كان اعتبار الحول في الزكاة.
والمعروف أن الحكومات تقدر رواتب موظفيها باعتبار السنة، وإن كانت لا تدفعها إلا مجزأة على دفعات شهرية نظرًا لحاجة الموظف المتجددة.
وبناء على ذلك تؤخذ الزكاة من صافي دخل الموظف وغيره من ذوي المهن الحرة في سنة كاملة إذا بلغ الصافي نصابًا.
ولعل مما يعيننا على تكوين رأي محدد هنا، أن نذكر ما روى عن بعض الفقهاء القائلين بتزكية المال المستفاد، وطريقة تزكيته.

كيف يُزكى المال المستفاد؟
القائلون بتزكية المال المستفاد من السلف، روى عنهم في طريقة تزكيته مسلكان:
الأول: ما قاله الزهري: إذا استفاد الرجل مالاً فأراد أن ينفقه قبل مجيء شهر زكاته فليزكه ثم ينفقه، وإن كان لا يريد أن ينفقه فليزكه مع ماله (المصنف لابن أبى أبى شيبة: 4 / 30).
ونحوه أو قريب منه ما جاء عن الأوزاعي فيمن باع عبده أو داره، أنه يزكي الثمن حين يقع في يده، إلا أن يكون له شهر يعلم، فيؤخره حتى يزكيه مع ماله (المغنى: 2 / 626 - الطبعة الثالثة).
ومعنى ذلك: أن من كان له مال زكّاه من قبل، وأصبح له حول معروف فله أن يؤخر إخراج زكاة المال المستفاد حتى يزكيه مع ماله الآخر، إلا إذا خشي أن ينفقه قبل مجيء الحول فعليه أن يبادر بتزكيته.
المسلك الثاني: ما قاله مكحول: إذا كان للرجل شهر يزكي فيه، فأصاب مالاً فأنفقه فليس عليه زكاة ما أنفقه، ولكن ما وافى الشهر الذي يزكى فيه ماله زكاه، فإن كان ليس له شهر يزكي فيه فاستفاد مالاً فليزكه حين يستفيده (المصنف: 4/ 30).
ولكن هذا القول يعطى من له مال يزكى في شهر معلوم ميزة لا يحظى بها غيره ممن ليس له هذا المال، إذ أجاز للأول أن ينفق المال المستفاد دون أن يزكيه إلا إذا وافى الشهر المعلوم منه شئ فيزكيه مع بقية ماله، أما من ليس له مال آخر فيزكيه حين يستفيده، والنتيجة: التخفيف عمن له مال آخر، والتشديد على من ليس له مال سوى هذا المستفاد.
والذي يترجح لي في ذلك: أن ما بلغ من المال المستفاد نصابًا أُخِذَ فيه بما قال الزهري والأوزاعي، إما بإخراج الزكاة عقب القبض (وهذا متعين فيمن ليس له مال آخر ذو حول) وإما بتأخيره إلى الحول ليزكى مع بقية ماله، ما لم يخش إنفاقه وإلا فعليه المبادرة، ولو أنه أنفقه بالفعل كانت زكاته في ذمته وإن كان دون النصاب أخذ فيه بقول مكحول، فما وافى الشهر الذي يزكي فيه ماله زكاه معه، وما احتاج إليه في نفقته ونفقة عياله فليس عليه زكاة ما أنفق، فإذا لم يكن له مال آخر يزكيه في وقت معلوم، وكان المستفاد دون النصاب، فلا شئ فيه حتى يتم -مع مال آخر- له نصاب فيزكيه حينئذ، ويبدأ حوله من هذا الحين.
ومقتضى هذا الترجيح التخفيف عن أصحاب الرواتب الصغيرة التي لا تبلغ نصابا، وكذلك الدفعات القليلة التي تدفع لذوي المهن الحرة، ولا تبلغ الدفعة منها نصابًا.

الزكاة في صافى الإيراد والراتب
وإذا كنا قد اخترنا القول بزكاة الرواتب والأجور ونحوها، فالذي نرجحه ألا تؤخذ الزكاة إلا من "الصافي".
وإنما قلنا: "تؤخذ من صافي الإيراد أو الرواتب" ليطرح منه الدين إن ثبت عليه، ويعفى الحد الأدنى لمعيشته ومعيشة من يعوله ؛ لأن الحد الأدنى لمعيشة الإنسان أمر لا غنى له عنه، فهو من حاجاته الأصلية، والزكاة إنما تجب في نصاب فاضل عن الحاجة الأصلية كما حققناه في موضعه (انظر شرط "الفضل عن الحوائج الأصلية" في الفصل الأول من هذا الباب، وفي الفصل الثالث " زكاة النقود"منه أيضًا) كما تطرح النفقات والتكاليف لذوى المهن قياسًا على ما اخترناه في الأرض والنخيل ونحوها: أنه يرفع النفقة ويزكى الباقي، وهو قول عطاء وغيره.
فما بقي بعد هذا كله من راتب السنة وإيرادها تؤخذ منه الزكاة إذا بلغ نصاب النقود، فما كان من الرواتب والأجور لا يبلغ في السنة نصابًا نقديا -بعد طرح ما ذكرناه- كرواتب بعض العمال وصغار الموظفين، فلا تؤخذ منه زكاة

تنبيه
إذا زكى المسلم كسب عمله أو مهنته أو نحو ذلك، من كل مال مستفاد زكى عند استفادته، فلا يجب عليه أن يزكيه مرة أخرى عند الحول، إذا كان له حول معلوم، حتى لا تجب عليه زكاتان في مال واحد في عام واحد ولهذا قلنا عند حديثنا عن المال المستفاد: إن له أن يؤخر زكاته حتى يخرجها مع بقية ماله الحولي ما لم يخش إنفاقها قبل الحول.
ونضرب لذلك مثلا: رجل له مال يزكيه كل حول في أول شهر المحرم فإذا استفاد مالا -راتبه مثلاً- في صفر أو ربيع الأول أو ما بعده من الشهور، وأخرج زكاته حين الاستفادة، فإنه لا يخرج زكاته مرة أخرى في آخر الحول مع ماله، بل يخرج عنه أو عما بقى منه في الحول الثاني، حتى لا نشق عليه بكثرة الأحوال، وقد أقام الله شرعه على التيسير.
__________________
اللهم علمنا ما ينفعنا - وإنفعنا بما علمتنا
اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا إتباعه - وأرنا الباطل باطلا وأرزقنا إجتنابه
اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك
اللهم إجعل عملنا خالصا لوجهك الكريم
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبة وسلم
رد مع اقتباس
 
 
  #75  
قديم 02-28-2011
الصورة الرمزية admin
admin admin غير متواجد حالياً
Administrator
 
تاريخ التسجيل: May 2009
المشاركات: 14,425
افتراضي رد: ثناء ابن باز رحمه الله تعالى على كتـــــــــــــاب فقه الزكاة للشيخ العلامة القرضاوي

زكاة الأسهم والسندات


عرف عصرنا لونًا من رأس المال استحدثه التطور الصناعي والتجاري في العالم، وذلك ما عرف باسم "الأسهم والسندات" وهما من الأوراق المالية التي تقوم عليهما المعاملات التجارية في أسواق خاصة بها وهي التي تسمى "بورصات الأوراق المالية" وهذه الأوراق أو الأسهم والسندات هي: ما يطلق عليه علماء المالية اصطلاح "القيم المنقولة" ويأخذون ضريبة على إيرادها المتجدد تسمى "ضريبة إيراد القيم المنقولة "كما نادى بعضهم بفرض ضريبة على الأسهم نفسها بوصفها ضريبة على رأس المال (انظر: الضرائب على رأس المال ص 18 من كتاب "موارد الدولة" للدكتور سعد ماهر حمزة).

الفرق بين الأسهم والسندات
والأسهم حقوق ملكية جزئية لرأس مال كبير للشركات المساهمة أو التوصية بالأسهم،.وكل سهم جزء من أجزاء متساوية لرأس المال.
والسند تعهد مكتوب من "البنك" أو الشركة أو الحكومة لحامله بسداد مبلغ مقدر من قرض في تاريخ معين، نظير فائدة مقدرة.
وبين السهم والسند فروق: فالسهم يمثل جزءًا من رأس مال الشركة أو البنك، والسند يمثل جزءًا من قرض على الشركة أو البنك أو الحكومة.
والسهم ينتج جزءا من ربح الشركة أو البنك، يزيد أو ينقص تبعًا لنجاح الشركة أو البنك، وزيادة ربحهما أو نقصه، ويتحمل قسطه من الخسارة، أما السند فينتج فائدة محدودة عن القرض الذي يمثله لا تزيد ولا تنقص.
وحامل السند يعتبر مقرضًا أو دائنًا للشركة أو البنك أو الحكومة، أما حامل السهم فيعتبر مالكًا لجزء من الشركة أو البنك بقيمة السهم.
وللسند وقت محدد لسداده، أما السهم فلا يسدد إلا عند تصفية الشركة.
ولكل من السهم والسند قيمة اسمية وهى قيمته المقدرة عند إصداره، وقيمة سوقية تتحدد في سوق الأوراق المالية، وكل منهما قابل للتعامل والتداول بين الأفراد كسائر السلع، مما يجعل بعض الناس يتخذ منهما وسيلة للاتجار بالبيع والشراء ابتغاء الربح من ورائهما، وتتأثر الأسعار في السوق المذكورة تبعًا لزيادة العرض والطلب، كما تتأثر بالأحوال السياسية للبلد ومركزه المالي ونجاح الشركة ومقدار الربح الحقيقي للأسهم والفائدة الحقيقية للسندات، بل تتأثر بالأحوال العالمية من حرب وسلام (انظر: المعاملات الحديثة وأحكامها ص 68 - 69).... الخ.
ومما ذكرنا يتبين أن إصدار الأسهم وملكيتها وبيعها وشراءها والتعامل بها حلال لا حرج فيه، ما لم يكن عمل الشركة التي تكونت من مجمع الأسهم مشتملا على محظور كصناعة الخمر وبيعها والتجارة فيها مثلا، أو كانت تتعامل بالفوائد الربوية إقراضا، أو استقراضا أو نحو ذلك.
أما السندات فشأنها غير الأسهم، لاشتمالها على الفوائد الربوية المحرمة.
ومهما يكن الحكم في هذه السندات فإنها رأس مال مملوك لصاحبه كالأسهم، فكيف يزكى كل منهما؟

كيف تزكى أسهم الشركات المختلفة ؟
نجد هنا اتجاهين لمن كتب من العلماء المعاصرين عن زكاة الأسهم والسندات وقليل من كتب فيها.
الاتجاه الأول: فالاتجاه الأول ينظر إلى هذه الأسهم والسندات تبعًا لنوع الشركة التي أصدرتها: أهي صناعية أم تجارية أم مزيج منهما؟
فلا يعطى السهم حكمًا إلا بعد معرفة الشركة التي يمثل جزءًا من رأس مالها،وبناء عليه يحكم بتزكيته أو بعدمها ؛ يمثل هذا الاتجاه الشيخ عبد الرحمن عيسى في كتابه "المعاملات الحديثة وأحكامها" حيث يقول:
"قد لا يعرف كثير ممن يملكون أسهم الشركات حكم زكاة هذه الأسهم، وقد يعتقد بعضهم أنها لا تجب زكاتها، وهذا خطأ، وقد يعتقد البعض وجوب الزكاة في أسهم الشركات مطلقًا، وهذا خطأ أيضًا، وإنما الواجب النظر في هذه الأسهم تبعا لنوع الشركة التي أصدرتها.
"فإن كانت الشركة المساهمة شركة صناعية محضة أي بحيث لا تمارس عملا تجاريًا كشركات الصباغة، وشركات التبريد، وشركات الفنادق، وشركات الإعلانات، وشركات "الأوتوبيس" وشركات النقل البحري والبري، وشركات الترام، وشركات الطيران، فلا تجب الزكاة في أسهمها ؛ لأن قيمة هذه الأسهم موضوعة في الآلات والإدارات والمباني وما يلزم الأعمال التي تمارسها، ولكن ما ينتج ربحًا لهذه الأسهم يضم إلى أموال المساهمين ويزكى معها زكاة المال (أي ما بقي منه إلى الحول وبلغ مع المال الآخر نصابًا).
"وإن كانت الشركة المساهمة شركةً تجارية محصنة تشترى البضائع وتبيعها بدون إجراء عمليات تحويلية على هذه البضائع: كشركة بيع المصنوعات المصرية وشركة التجارة الخارجية وشركات الاستيراد أو كانت شركة صناعية تجارية، وهي الشركات التي تستخرج المواد الخام أو تشتريها، ثم تجرى عليها عمليات تحويلية، ثم تتجر فيها، مثل: شركات البترول وشركات الغزل والنسيج للقطن أو الحرير، وشركة الحديد والصلب، والشركات الكيماوية، فتجب الزكاة في أسهم هذه الشركات، فمدار وجوب الزكاة في أسهم الشركات: أن تكون الشركة تمارس عملاً تجاريًا، سواء معه صناعة أم لا، وتقدر الأسهم بقيمتها الحالية، مع خصم.
(الخصم: كلمة مولدة تستعمل في المحاسبة -وخاصة في مصر- بمعنى الحطيطة والاقتطاع، وفي بعض البلاد العربية يستعمل بدلا عنها كلمة "الحسم") قيمة المباني والآلات والأدوات المملوكة لهذه الشركات، فقد تمثل هذه الآلات والمباني ربع رأس المال أو أكثر أو أقل، فيخصم من قيمة السهم ما يقابل ذلك -أي الربع أو أكثر أو أقل- وتجب الزكاة في الباقى، ويمكن معرفة صافي قيمة المباني والآلات والأدوات بالرجوع إلى ميزانية الشركة وهي تنشر كل عام في الصحف" (المعاملات الحديثة ص 73 - 74).
هذا ما ذكره الشيخ عن زكاة الأسهم وهو مبني على الرأي المشهور: أن المصانع والعمائر الاستغلالية ورؤوس الأموال المغلة -غير التجارية- على وجه العموم كالفنادق والسيارات والترامات والطائرات ونحوها، ليس فيها كلها زكاة، لا في رأس المال والربح معا كمال التجارة، ولا في الغلة والإيراد، كالخارج من الأرض الزراعية (إلا إذا بقي منها شئ وحال عليه الحول) وعلى هذا الأساس فرق بين الشركات الصناعية (ويعني بها التي لا تمارس عملاً تجاريًّا) وبين غيرها من الشركات، فأعفى أسهم الأولى من الزكاة وأوجب في الأخرى، فإذا كان هناك شخصان يملك كل منهما ألف دينار، اشترى أحدهما بألفه مائتي سهم من شركة للاستيراد والتصدير مثلا، واشترى الثاني بمبلغه مائتي سهم في شركة لطباعة الكتب أو الصحف، فإن على الأول أن يخرج الزكاة عن أسهمه المائتين، وما جلبت إليه من ربح أيضًا في رأس كل حول مطروحًا من ذلك قيمة الأثاث ونحوه من الأصول الثابتة كما هو الشأن في مال التجارة، وأما الثاني فليس عليه زكاة عن أسهمه المائتين ؛ لأنها موضوعة في أجهزة وآلات ومبان ونحوها، ولا زكاة فيما يأتي من ربح، إلا إذا بقي إلى رأس الحول وبلغ نصابًا بنفسه أو بغيره، فإذا أنفقه قبل الحول فلا شيء عليه.
وبهذا يمكن أن تمضي أعوام على مثل هذا الشخص دون أن تجب عليه زكاة، لا في أسهمه ولا في أرباحها بخلاف الشخص الأول، فالزكاة واجبة عليه لزومًا في كل عام، عن أسهمه وعن أرباحها معًا، وهي نتيجة يأباها عدل الشريعة التي لا تفرق بين متماثلين.
وقد بينا في الفصل الثامن في حديثنا عن زكاة "المستغلات" من العمارات والمصانع ونحوها: أن فيها -خلاف الرأي التقليدي المشهور- آراء ثلاثة:
1 - الرأي الذي يعتبرها مالا كمال التجارة ويقول بتقويمها كل حول وإخراج ربع عُشرها.
2- الرأي الذي يقول بأخذ الزكاة من غلتها وربحها باعتبارها مالا مستفادًا فيزكي زكاة النقود.
3- الرأي الذي يقيسها على الأرض الزراعية، ويوجب فيها العشر أو نصفه من صافي الغلة والأرباح.
وقد رجحنا هناك هذا الرأي الأخير.
فالذي أراه هنا:
أن التفرقة بين الشركات الصناعية أو شبه الصناعية، وبين الشركات التجارية، أو شبه التجارية -بحيث تعفى الأولى من الزكاة، وتجب في الأخرى- تفرقة ليس لها أساس ثابت من كتاب ولا سنة ولا إجماع ولا قياس صحيح.
ولا وجه لأخذ الزكاة عن الأسهم إذا كانت في شركة تجارية، وإسقاطها عنها إذا كانت في شركة صناعية، والأسهم هنا وهناك رأس مال نام يدر ربحًا سنويًا متجددًا، وقد يكون ربح الثانية أعظم وأوفر من الأولى.
فإذا أردنا أن نأخذ بهذا الاتجاه وهو النظر إلى الأسهم تبعا لنوع الشركة التجارية التي يكون السهم جزءا من رأس مالها، فإني أختار هنا أن تعامل الشركات -أيا كان نوعها- معاملة الأفراد، إذا ملكوا ما تملكه الشركات من مصانع أو متاجر، فالشركات الصناعية أو شبه الصناعية، وأعني بها تلك التي تضع رأس مالها أو جله في أجهزة وآلات ومبان وأدوات، كالمطابع والمصانع، والفنادق، وسيارات النقل والأجرة ونحوها، هذه الشركات لا تؤخذ الزكاة من أسهمها بل من إيرادها وربحها الصافي بمقدار العشر كما رجحناه في زكاة المستغلات، وكما نعامل المصانع والفنادق ونحوها لو كانت ملكًا للأفراد على ما اخترناه من قبل.
أما الشركات التجارية وهي التي جل رأس مالها في منقولات تتاجر فيها ولا تبقى عينها، فهذه تؤخذ الزكاة بمقدار ربع العشر (2.5 في المائة ) بعد طرح قيمة الأصول الثابتة من الأسهم، كما ذكرنا في عروض التجارة: أن الزكاة في رأس المال المتداول المتحرك، وهذه المعاملة للشركات التجارية هي نفس المعاملة التي تعامل بها المحلات التجارية إذا كانت ملكًا للأفراد ولا فرق.

زكاة السندات
أما السندات فيقول الشيخ: "السند صك بمديونية البنك أو الشركة أو الحكومة لحامله بمبلغ محدد بفائدة معينة فمالك السند مالك دين مؤجل، ولكنه يصير حالا عند نهاية الأجل فتجب زكاته حينئذ لمدة عام إن مضى على ملكيته عام أو أكثر، وهذا مذهب مالك وأبى يوسف.
أما إذا لم يحل أجله: فلا يجب إخراج زكاته، لأنه دين مؤجل، وكذلك إذا لم يمض على ملكيته عام، لاشتراط مرور الحول في وجوب الزكاة".
وقد بينا من قبل (في الفصل الأول من هذا الباب: شرط تمام الملك) أن القول الصحيح في الدين المرجو -وهو ما كان على مقر موسر- وجوب تزكيته كل عام وهو قول جمهور الفقهاء واختيار أبى عبيد وغيره، لأن الدين المرجو بمنزلة ما في يده.
وهذا القول يتعين الأخذ به بالنظر للسندات خاصة، لأنها ديون لها خصوصية تميزها عن الديون التي عرفها الفقهاء، لأنها تنمى وتجلب للدائن فائدة، وإن كانت محظورة (مما يجب التنبيه عليه هنا: أن على صاحب السند أن يتصدق بفائدة السند كلها، لأنها مال حرام لا يجوز أن يستفيد منه لنفسه وأهله، وإنما مصرفه الفقراء والمصلحة العامة للمسلمين، ولو كان في بناء المساجد وغيرها، فإن هذا المال حرام على صاحب السند، حلال لجهات الخير، وعليه أن يزكى قيمة أصل السند فقط) فإن حظر هذه الفائدة لا يكون سببًا لإعفاء صاحب السند من الزكاة، لأن ارتكاب الحرام لا يعطى صاحبه مزية على غيره ؛ ولهذا أجمع الفقهاء على وجوب الزكاة في الحلي المحرم، على حين اختلفوا في المباح.

الاتجاه الثاني - اعتبار الأسهم عروض تجارة
وإلى جانب الاتجاه الذي ذكرناه نجد اتجاها آخر يخالف الاتجاه الأول إنه لا ينظر إلى الأسهم تبعا لنوع شركاتها، فيفرق بين أسهم في شركة وأسهم في أخرى، بل ينظر إليها كلها نظرة واحدة، ويعطيها حكما واحدا بغض النظر عن الشركة التي أصدرتها.
فيرى الأساتذة: أبو زهرة وعبد الرحمن حسن وخلاف: أن الأسهم والسندات أموال قد اتخذت للاتجار، فإن صاحبها يتجر فيها بالبيع والشراء، ويكسب منها كما يكسب كل تاجر من سلعته، وقيمتها الحقيقية التي تقدر في الأسواق تختلف في البيع والشراء عن قيمتها الاسمية، فهي بهذا الاعتبار من عروض التجارة، فكان من الحق أن تكون وعاء للزكاة ككل أموال التجارة ويلاحظ فيها ما يلاحظ في عروض التجارة" (حلقة الدراسات الاجتماعية - الدورة الثالثة - ص 242، ونلاحظ هنا أن الأساتذة عاملوا الأسهم والسندات معاملة واحدة ولم يفرقوا بينهما باعتبار السند دينا مؤجلاً - كما فعل مؤلف كتاب "المعاملات الحديثة" وهذه المعاملة الواحدة لهما في إيجاب الزكاة هي الاتجاه الصحيح، وقد ذكروا اعتراضًا أو شبهة لبعض الناس هنا وأجابوا عنها
قالوا: وقد يقول قائل إن السندات ديون وهي تنقل من دائن إلى دائن فهي بهذا بيع الدين لغير من عليه، وذلك غير جائز عند كثير من الفقهاء والكسب بهذا لا يخلو من خبث.
"ونحن نقول في الجواب عن ذلك: إن هذه السندات صارت سلعة فعلا، فلو أعفيناها من الزكاة لما يلابسها من محرم، لأقبل الناس على شرائها ولأدى ذلك إلى الإمعان في التعامل بها فيكون ذلك مشجعا على المحرم ولا يكون قطعا له ولأن صرف الكسب الخبيث في الصدقات أمر غير ممنوع بل إنه يصرف وإن لم يعرف صاحبه الذي أخذ منه بغير حقه، كما هي قاعدة الفقهاء عامة" أ.هـ).
ومعنى هذا: أن يؤخذ منها في آخر كل حول (2.5 في المائة) من قيمة الأسهم حسب تقديرها في الأسواق -مضافا إليها الربح- بشرط أن يبلغ الأصل والربح نصابًا، أو يكملا -مع مال عنده- نصابًا كما أنه يجب أن يعفى مقدار الحاجات الأصلية، وبتعبير آخر: الحد الأدنى للمعيشة، بالنظر لصاحب الأسهم الذي ليس له مورد رزق غيرها كأرملة أو يتيم لا معاش لهما، ويزكى باقي الربح مع رأس المال، ولعل هذا الاتجاه والإفتاء بمقتضاه أوفق بالنظر إلى الأفراد من الاتجاه الأول، فكل مساهم يعرف مقدار أسهمه، ويعرف كل عام أرباحها، فيستطيع أن يزكيها بسهولة ؛ بخلاف الاتجاه الأول وما فيه من تفرقة بين أسهم في شركة وأسهم في أخرى فبعضها تؤخذ الزكاة من إيرادها، وبعضها تؤخذ زكاته من الأسهم نفسها حسب قيمتها، مضافًا إليها الربح، وفي هذا شيء من التعقيد بالنظر إلى الفرد العادي، لهذا قلنا: إن الأولى الأخذ بالاتجاه الثاني للأفراد، فهو أيسر في الحساب، بخلاف ما إذا قامت دولة مسلمة وأرادت جمع الزكاة من الشركات فقد أرى الاتجاه الأول أولى وأرجح والله أعلم.

هل تؤخذ الزكاة من إيراد الشركة مع الأسهم؟
إذا اعتبرنا هذه الأسهم رأس مال تجاريًّا وأخذنا منه زكاة التجارة، فهل يجوز أن نأخذ من الشركات التي يتكون رأس مالها من هذه الأسهم زكاة على إيرادها؟
ذهب الأساتذة: أبو زهرة وزميلاه إلى أن ما يؤخذ من الأسهم والسندات لمن يتجر فيها غير ما يؤخذ من الشركات نفسها، لأن الشركات التي تؤخذ منها الزكاة تكون باعتبار أن أموال الشركة نامية بالصناعة ونحوها.
"أما الأسهم المُتَّجر فيها فهي أموال نامية باعتبارها عروض تجارة" (حلقة الدراسات الاجتماعية السابق ذكرها).

ازدواج ممنوع
وبناء على هذا الرأي: إذا كان شخص له -في شركة صناعية مثلا- أسهم قيمتها ألف دينار، درت له في آخر الحول ربحًا صافيًا يقدر بـ(200) مائتي دينار، فإن عليه أن يخرج عن مجموع الـ 1200 ربع العشر أي (5و2 في المائة ) وهو (30) ثلاثون دينارًا.
فإذا أخذت الزكاة من صافي أرباح الشركة بمقدار العشر، -كما يقول أصحاب هذا الرأي- تكون هذه الـ (1000) دينار وأرباحها قد زكيت مرتين، أي أننا عاملنا صاحب الأسهم مرة بوصفه تاجرًا، فأخذنا من أسهمه وربحها جميعا ربع العشر، ثم مرة أخرى بوصفه منتجًا، فأخذنا من ربح أسهمه -وبعبارة أخرى: من إيراد الشركة- العُشر، وهذا هو الازدواج أو الثني الممنوع شرعًا.
والراجح أن نكتفي بإحدى الزكاتين: إما الزكاة عن قيمة الأسهم مع ربحها بمقدار ربع العشر، وإما الزكاة عن غلة الشركة وإيرادها بمقدار العشر من الصافي منعًا للثني.

صور مشابهة منعها الفقهاء
ويحسن بى أن أسوق بعض صور شبيهة أو قريبة من صورتنا هنا وما رجحه الفقهاء فيها، ليتضح لنا وجه ما قلناه في مسألتنا هذه.

التجارة في الأنعام السائمة وكيف تزكى؟
عرفنا في فصل "زكاة الثروة الحيوانية" أن الزكاة تجب في الأنعام السائمة إذا بلغت نصابًا، وهذا ثابت بالاجماع، ولكن ما الحكم إذا اشترى إنسان أنعامًا للتجارة وأسامها، فرعت في كلأ مباح أكثر العام، فحال الحول، والسوم ونية التجارة موجودان، فهل تزكى زكاة السائمة أم زكاة التجارة ؟
في ذلك خلاف ذكره ابن قدامة في "المغنى" (انظر المغنى: 3 / 34 - 35) قال مالك والشافعي في الجديد: يزكيها زكاة السائمة؛ لأنها أقوى، لانعقاد الإجماع عليه، واختصاصها بالعين، فكانت أولى.
وقال أبو حنيفة والثوري وأحمد: يزكيها زكاة التجارة ؛ لأنها أكثر حظًا للفقراء والمستحقين، لأنها تجب فيما زاد عن النصاب بحسابه، بخلاف السائمة، فقد عفا الشارع عما بين الأنصبة المقدرة فيها، فما بين (40) من الغنم و(120) لا زكاة فبه، وما بين (25) من الإبل و(36) منها لا شئ فيه، وهكذا، فلو زكيناه زكاة السائمة لضاع على الفقراء والمستحقين هذا الزائد عن النصاب المعفو عنه، مع أنه -بالتجارة- قد وجد سبب وجوب زكاته، فيجب كما لو لم يبلغ بالسوم نصابًا، وبلغه بالتجارة، غليت زكاة التجارة بلا نزاع.
وإن سبق وقت وجوب زكاة السوم وقت وجوب زكاة التجارة -كمن ملك (40) شاة قيمتها دون نصاب التجارة، ثم سمنت أو ارتفع السعر، فبلغت قيمتها في نصف الحول نصاب التجارة- فقال بعض العلماء: يتأخر وجوب الزكاة حتى يتم حول التجارة، لأنها أنفع للفقراء.
وقال ابن قدامة: يحتمل أن تجب زكاة العين (السائمة) عند تمام حولها، لوجود مقتضيها من غير معارض، فإذا تم حول التجارة وجبت زكاة الزائد عن النصاب، لوجوب مقتضيها، لأن هذا مال للتجارة وحال عليه الحول وهو نصاب.
"ولا يمكن إيجاب الزكاتين بكمالهما، لأنه يفضي إلى إيجاب زكاتين في حول واحد بسبب واحد، فلم يجز لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "لا ثني في الصدقة"(رواه أبو عبيد في الأموال ص 275، ورواه ابن أبى شيبة في المصنف: 3 /218 - طبع حيدر آباد الدكن) ،والثني: أن تعيد الشيء مرتين.
وإن وجد نصاب السوم دون نصاب التجارة -مثل (40) شاة حال عليها الحول وهي لا تبلغ قيمتها نصاب التجارة- وجبت فيها زكاة السائمة بغير خلاف لأنه لم يوجد لها معارض فوجبت، كما لو لم تكن للتجارة.
قال في المغنى: وإن اشترى نخلاً أو أرضًا للتجارة فزرعت الأرض وأثمرت النخل، فاتفق حولاهما (أي التجارة والزرع) -بأن يكون موعد الصلاح في الثمرة واشتداد الحب عند تمام الحول وكانت قيمة الأرض والنخل بمفردهما نصابا للتجارة- فإنه يزكى الثمرة والحب زكاة العشر، ويزكى الأصل زكاة القيمة (التجارة) وهذا قول أبى حنيفة وأبى ثور.
"وقال القاضي وأصحابه (من الحنابلة): يزكى الجميع (يعنى الأرض والزرع) زكاة القيمة، وذكر أن أحمد أومأ إليه، لأنه مال تجارة فتجب فيه زكاة التجارة كالسائمة.
واحتج صاحب المغنى للقول الأول بأن زكاة العشر أحظ للفقراء ؛ -فإن العُشر أحظ من ربع العُشر- فيجب تقديم ما فيه الحظ، ولأن الزيادة على ربع العُشر قد وُجِد سبب وجوبها، فتجب.
قال :."وفارق السائمة المعَّدة للتجارة، فإن زكاة السوم أقل من زكاة التجارة" (المغنى: 3 / 35 - 36).
وهذه الحجة التي ذكرها صاحب المغنى -رحمة الله- غير ناهضة، فإن تقديم ما فيه حظ الفقراء، غير معتبر إذا كان فيه جور على أرباب المال، ونهج الشرع الإسلامي أن يرعى هؤلاء وهؤلاء.
ومن العدل الذي جاء به هذا النهج: أن جعل الواجب العُشر إذا أخذ الزكاة من الغلة والإيراد -لا من الأصل- كالحبوب والثمار، وجعل الواجب ربع العُشر إذا أخذ الزكاة من الأصل ونمائه -أي من رأس المال وغلته- كما في مال التجارة، أما أن يجمع بين الأمرين فلم يعرف ذلك في أحكامه، ولا بد من تغليب إحدى الزكاتين على الأخرى، منعا للازدواج الذي نفاه الحديث الشريف: "لا ثنى في الصدقة" وأخذ به كافة الفقهاء، وحتى لا تجب الزكاة أكثر من مرة في مال واحد في حول واحد بسبب واحد.
ولا يقال: إن هنا سببين اجتمعا: التجارة والزراعة ؛ لأن أحد السببين مقصود بالأصالة والثاني تبع له فيندرج فيه، فالذي يتاجر في شراء الأراضي الزراعية وبيعها ليست الزراعة مقصودة له وإنما جاءت تبعا، وينبغي أن يغلب قصد التجارة على غيره.
ولذا قال صاحب "شرح الغاية" من الحنابلة أيضًا: ومن ملك نصاب سائمة لتجارة فعليه زكاة تجارة فقط (ولو سبق حول السوم بلوغ قيمة التجارة نصابًا) لأن وصف التجارة يزيل سبب زكاة السوم وهو الاقتناء لطلب النماء.
وقال فيمن ملك أرضًا لتجارة فزرعها ببذر تجارة: عليه زكاة التجارة أو ملك نخلاً للتجارة فأثمر، فعليه زكاة التجارة فقط في كل ذلك، ولو سبق وجوب الزكاة في الزرع والثمر حول التجارة، قال: لأن الزرع والثمر جزء مما خرجا منه، فوجب أن يقوما مع الأصل كالسخال (أولاد الماشية) والربح المتجدد، إلا أن لا تبلغ قيمة ذلك المذكور من سائمة، وأرض مع زرع، ونخل مع ثمر نصابا -بأن نقصت عن عشرين مثقالاً ذهبا وعن مائتي درهم فضة- فيزكى ذلك لغير تجارة فتخرج من السائمة زكاتها، ومن الزرع والثمر ما وجب فيه، لئلا تسقط الزكاة بالكلية (مطالب أولى النهى: 2 / 100 - 101).
ونقل ابن حزم عن الحسن بن يحيى: أن ما زرع للتجارة يزكى زكاة التجارة لا غير (المحلى: 5 / 249).
وقال الكاساني في "البدائع" قال أصحابنا (يعني الحنفية) فيمن اشترى أرض عُشر للتجارة، أو اشترى أرض خراج للتجارة: إن فيها العُشر أو الخراج، ولا تجب زكاة التجارة مع أحدهما ؛ هو المشهور عنهم.
وروى عن محمد أنه يجب العشر والزكاة (يعني زكاة التجارة) أو الخراج والزكاة، ووجه هذه الرواية: أن زكاة التجارة تجب في الأرض، والعُشر يجب في الزرع، وهما مالان مختلفان، فلم يجتمع الحقان في مال واحد.
ووجه الرواية المشهورة: أن سبب الوجوب في الكل واحد، وهو الأرض، وحقوق الله تعالى المتعلقة بالأموال النامية لا يجب فيها حقان منها بسبب مال واحد، كزكاة السائمة مع التجارة (بدائع الصنائع: 2 / 57).
والذي أرجحه هو تغليب إحدى الزكاتين على الأخرى، بحيث تجب زكاة واحدة منعا للثني والازدواج، كما هو المشهور عند الحنفية وغيرهم، أما أي الزكاتين أرجح، فذلك متروك لخيار المزكى، أو لولى الأمر، فإن لكل من القولين وجهه، القول بأخذ العشر أو نصفه من الثمرة، أو القول بأخذ ربع العُشر من الأصل والثمرة معًا.
والذي ينبغي أن نسجله هنا: أن جمهرة الفقهاء من المسلمين، بل الفقهاء كافة، لا يرون ازدواج الزكاة في المال الواحد، بسبب واحد، وقد يخالف بعضهم في بعض الصور، لوجود سببين لوجوب الزكاة في نظره، كما في رواية محمد صاحب أبى حنيفة.
وبهذا سبق التشريع الإسلامي -بقرون عديدة- ما يعرف اليوم في عالم الفكر والتشريع المالي والضريبي باسم "منع ازدواج الضريبة".
__________________
اللهم علمنا ما ينفعنا - وإنفعنا بما علمتنا
اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا إتباعه - وأرنا الباطل باطلا وأرزقنا إجتنابه
اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك
اللهم إجعل عملنا خالصا لوجهك الكريم
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبة وسلم
رد مع اقتباس
 
 
  #76  
قديم 02-28-2011
الصورة الرمزية admin
admin admin غير متواجد حالياً
Administrator
 
تاريخ التسجيل: May 2009
المشاركات: 14,425
افتراضي الشروط العامة للمال الذي تجب فيه الزكاة - معنى المال لغة وشرعًا

معنى المال لغة وشرعًا

ولكن ماذا تعني "أموال" التي ذكرها القرآن، كما ذكرتها الأحاديث؟ .
الأموال: جمع كلمة "مال"، والمال عند العرب الذين نزل القرآن بلسانهم: يشمل كل ما يرغب الناس في اقتنائه وامتلاكه من الأِشياء، فالإبل مال، والبقر مال، والغنم مال، والضياع مال، والنخيل مال، والذهب والفضة مال، ولهذا قالت المعاجم العربية
(كالقاموس المحيط: 4/52ولسان العرب: باب اللام، فصل: الميم)
: المال: ما ملكته من جميع الأشياء، غير أن أهل البادية، أكثر ما يطلقون المال على الأنعام، وأهل الحَضَر أكثر ما يطلقونه على الذهب والفضة، وإن كان الجميع مالاً.
قال ابن الأثير: المال في الأصل: ما يُملَّك من الذهب والفضة، ثم أطلق على كل ما يُقتنى ويُملَّك من الأعيان.
وقد اختلف الفقهاء في تحديد معنى المال شرعًا
فعند فقهاء الحنفية
المال: كل ما يمكن حيازته، والانتفاع به على وجه معتاد. فلا يكون الشيء مالاً،إلا إذا توافر فيه أمران: إمكان حيازته، وإمكان الانتفاع به على وجه معتاد، فما حِيزَ من الأشياء، وانتُفِعَ به فعلاً، يُعَد من الأموال، كجميع الأشياء التي نملكها من أرض وحيوان، ومتاع ونقود.
وما لم يُحزْ منها، ولم يُنتفع به، فإن كان في الإمكان أن يتحقق فيه ذلك، عُدَّ من الأموال أيضًا، كجميع المباحات من الأشياء، مثل السمك في البحر، والطير في الجو، والحيوان في الفلاة. فإن الاستيلاء عليه ممكن، والانتفاع به على وجه معتاد ممكن كذلك.
أما ما ليس في الإمكان حيازته فلا يُعَد مالاً. وإن انتُفع به، كضوء الشمس وحرارتها، وكذلك ما لا يمكن الانتفاع به على وجه معتاد لا يُعَد مالاً، وإن أُحْرِز فعلاً، كحفنة من تراب، وقَطْرة من ماء، ونحلة، وحبة من أرز مثلاً.
ومقتضى هذا التعريف:
أن المال لا يكون إلا مادة، حتى يتأتى إحرازه وحيازته، ويترتب عل ذلك أن منافع الأعيان -كسكنى المنازل، وركوب السيارات، ولبس الثياب - لا تُعَد مالاً، لعدم إمكان حيازتها. ومثلها في ذلك الحقوق -كحق الحضانة، وحق الولاية- وهذا مذهب الحنفية.
وذهب الشافعية والمالكية والحنابلة إلى أن المنافع أموال، إذ ليس من الواجب في المال عندهم إمكان إحرازه بنفسه، بل يكفي أن تمكن حيازته بحيازة أصله ومصدره، ولا شك أن المنافع تُحاز بحيازة محالها ومصادرها، فإن من يحوز سيارة يمنع غيره أن ينتفع بها إلا بإذنه. وهكذا.
وقد أخذ علماء التشريع الوضعي بهذا الرأي، فاعتبروا المنافع من الأموال، كما اعتبروا حقوق المؤلفين، وشهادات الاختراع وأمثالها مالاً، ولذلك كان المال عندهم أعم من المال عند الفقهاء
(من كتاب "أحكام المعاملات الشرعية" للأستاذ الشيخ على الخفيف ص 3 -4)
.
والذي نرجحه هنا: أن تعريف الحنفية للمال أقرب إلى المعنى اللغوي الذي ذكرته المعاجم العربية، وهو الذي يمكن تطبيق نصوص الزكاة عليه، فإن الأعيان -لا المنافع- هي التي يمكن أن تؤخذ وتجبى وتوضع في بيت المال، وتوزَّع على المستحقين.
قال ابن نجيم في البحر: والمال -كما صرَّح به أهل الأصول-: ما يُتموّل ويُدَّخر للحاجة، وهو خاص بالأعيان … فخرج تمليك المنافع. قال في الكشف الكبير: الزكاة لا تتأدى إلا بتمليك عين متقوَّمة، حتى لو أسكن الفقير داره بنيَّة الزكاة لا يجزئه، لأن المنفعة ليست بعين متقومة. قال ابن نجيم: وهذا على إحدى الطريقتين. وأما على الأخرى من المنفعة مال، فهو عند الإطلاق منصرف إلى العين
(البحر الرائق: 2/217)
.
والذي يعنينا هنا: أن المال عند الإطلاق ينصرف إلى "العين" وهو الذي تجب فيه الزكاة.
__________________
اللهم علمنا ما ينفعنا - وإنفعنا بما علمتنا
اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا إتباعه - وأرنا الباطل باطلا وأرزقنا إجتنابه
اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك
اللهم إجعل عملنا خالصا لوجهك الكريم
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبة وسلم
رد مع اقتباس
 
 
  #77  
قديم 02-28-2011
الصورة الرمزية admin
admin admin غير متواجد حالياً
Administrator
 
تاريخ التسجيل: May 2009
المشاركات: 14,425
افتراضي شروط المال الذي تجب فيه الزكاة - أولا الملك التام - تقديم



شروط المال الذي تجب فيه الزكاة - أولا الملك التام - تقديم
المال - في الواقع - مال الله تعالى، هو منشئه وخالقه، وهو واهبه ورازقه، ولهذا ينبه القرآن على هذه الحقيقة الأصيلة، إما بإضافة المال إلى مالكه الحقيقي وهو الله سبحانه، كقوله: (وآتوهم من مال الله الذي آتاكم)(النور: 33)، (وأنفقوا مما رزقناكم)(البقرة:254)، (يبخلون بما أتاهم الله من فضله)(آل عمران:180) ونحو ذلك من الآيات، وإما ببيان وضع الإنسان في المال وهو وضع الوكيل أو المستخلف أو أمين الخزانة وفي هذا يقول تعالى: (وأنفقوا مما جعلكم مستخلفين فيه)(الحديد:7).
ولكن الله تعالى - مع أنه صاحب المال الحقيقي ومالكه - أضاف الأموال إلى عباده، تكريمًا منه لهم، وفضلاً منه تعالى عليهم، وابتلاءً لهم بما أنعم عليهم، ليشعروا بكرامتهم على الله، وأنهم خلفاؤه في أرضه، ويحسوا بمسئوليتهم عما ملَّكهم إياه، وائتمنهم عليه، كالوالد يمنح ولده جزءًا من ماله ومِلْكه، ليُشعره بشخصيته، ويدربه على الاستقلال بالتصرف، ويختبره بعد ذلك: هل كان عند حسن ظنه، فأحسن التصرف، أم انحرف وأساء السلوك؟ ولله المثل الأعلى.
فلا غرو أن وجدنا القرآن الكريم يضيف الأموال إلى الناس، مع أنها في الحقيقة أموال الله - فيقول تعالى:
(يا أيها الذين آمنوا لا تلهكم أموالكم)(المنافقون: 9) (إنما أموالكم وأولادكم فتنة)(التغابن: 15)(يحسب أن ماله أخلده)(الهُمزة: 3)(ما أغنى عنه ماله وما كسب)(المسد: 2)، (وفي أموالهم حق للسائل والمحروم)(الذاريات: 19)، (خذ من أموالهم صدقة) (التوبة: 103)، (فلا تعجبك أموالهم ولا أولادهم)(لتوبة: 55)، (فادفعوا إليهم أموالهم)(النساء: 6)، (لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل)(النساء: 29)
.
إلى غير ذلك من الآيات الكريمة.
بل إن الله تعالى ببالغ لطفه وكرمه ليستقرض الإنسان من هذا المال الذي هو ماله وعطاؤه تبارك وتعالى، ويشتريه من عباده وهو صاحبه، فضلاً منه وبرًا. قال تعالى:
(من ذا الذي يقرض الله قرضًا حسنًا فيضاعفه له أضعافًا كثيرة)(البقرة: 245)، (من ذا الذي يقرض الله قرضًا حسنًا فيضاعفه له وله أجر كريم)(الحديد: 11)، (وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة وأقرضوا الله قرضًا حسنًا)(المزمل: 20)
.
وقال عز وجل:
(إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة)(التوبة: 111)
قال الحسن: اشترى منهم أنفسًا هو الذي خلقها، وأموالاً هو الذي رزقها !!.
وعلى كل حال، فليس المراد بالملك التام: الملك الحقيقي لأنه لله وحده، ولكن المراد بالملك هنا الحيازة والتصرف والاختصاص الذي ناطه الله بالإنسان.
فمعنى ملك الإنسان للشيء، أنه أحق بالانتفاع بعينه أو منفعته من غيره، وذلك باستيلائه عليه بوسيلة من وسائل التملك المشروعة، من عمل أو عقد أو ميراث، أو غيرها. وهذا الملك بإذن الله تعالى وشرعه.
وسر هذا التمليك للبشر ما قاله حكيم الإسلام في الهند الشيخ أحمد بن عبد الرحيم الدهلوي: "أنه تعالى لما أباح لهم الانتفاع بالأرض وما فيها، وقعت المشاحة، فكان الحكم حينئذ: ألا يهيج أحد عما سبق إليه من غير مضارة. والأرض كلها في الحقيقة بمنزلة مسجد أو رباط، جعل وقفًا على أبناء السبيل، وهم شركاء فيه، فيقدم الأسبق، فالأسبق. ومعنى ملك الآدمي للشيء: أنه أحق بالانتفاع به من غيره"
(حجة الله البالغة: 2/640 - 641)
.
بعد هذه المقدمة نستطيع أن نعرف ماذا نقصد هنا بالملك التام. فهو اصطلاح فقهي يتضمن عنصرين: الملك وتمامه. الملكُ في اللغة، مصدر: مَلكَ الشيء، أي احتواه قادرًا على الاستبداد به، كما في القاموس. وقال في المعجم الوسيط: مَلَكَ الشيء: حازه وانفرد بالتصرف فيه.
وهذا المعنى اللغوي ملحوظ في المعنى الشرعي، كما عرَّفه الفقهاء.
عرفه الكمال بن الهمام في "الفتح" بأنه: "القُدرة على التصرف ابتداءً إلا لمانع"
(انظر: بحث "الملكية الفردية وتحديدها في الإسلام" لفضيلة الشيخ على الخفيف. في كتاب "المؤتمر الأول لمجمع البحوث الإسلامية" ص 99)
يريد أنه قدرة مبتدأة، لا مستمدة من شخص آخر.
وعرَّفه القرافي في "الفروق" بأنه: "حكم شرعي قدر وجوده في عين أو في منفعة، يقتضي تمكين مَن أضيف إليه من الأشخاص من انتفاعه بالعين أو بالمنفعة أو الاعتياض عنها ما لم يوجد مانع من ذلك"
(المرجع السابق)
.
وعرَّفه صدر الشريعة في "شرح الوقاية" بأنه: "اتصال شرعي بين الإنسان وبين شيء يكون مطلقًا تصرفه فيه، وحاجزًا عن تصرف الغير"
(نفس المرجع)
.
فكل هذه التعريفات أفادت معنى الاختصاص والانفراد بالشيء، الذي نصَّت عليه كتب اللغة. وكذلك عرَّفه رجال القانون بما يشبه هذا. فهو -كما عرفه بعضهم-: "سلطة تمكن صاحبها من استعمال الشيء والإفادة منه بجميع الفوائد التي يمكن الحصول عليها على نحو مؤبد وقاصر على المالك"
(نفس المرجع السابق)
.
ومعنى تمام الملك: أن يكون المال مملوكًا له رقبة ويدًا
(البحر الرائق: 2/218) أو -كما شرحه بعض الفقهاء- أن يكون المال بيده، ولم يتعلق به حق غيره، وأن يتصرف فيه باختياره. وأن تكون فوائده حاصلة له (مطالب أولي النهى شرح غاية المنتهى: 2/16)
.
ولهذا قالوا: لا تجب الزكاة على المشتري فيما اشتراه للتجارة قبل القبض، لعدم اليد،ولا في المغصوب والمجحود إذا عاد إلى صاحبه، ولا يلزم عليه ابن السبيل، لأن يد نائبه كيده. ومن موانع الوجوب الرهن إذا كان في يد المرتهن، لعدم ملك اليد
(البحر الرائق - المرجع المذكور)
. .
ويعبر بعض الفقهاء عن شرط تمام الملك بالتمكن، كما عند الزيدية: اشترطوا أن يكون النصاب متمكنًا منه في جميع الحَوْل. وذلك حيث يكون في يد مالكه، عارفًا لموضعه، غير ممنوع منه، أو في يد غيره بإذنه، وذلك الغير مصادق غير متغلب أو في حكم المتمكن منه، وذلك حيث يكون مرجوًا غير ميئوس، كأن يكون ضالاً، ولم ييأس من وجدانه، أو مغصوبًا ولم ييأس من رده أو بدله. ومنه الوديع إذا جحد الوديعة وللمالك بيَنة يرجو حصول المال بها، فإن هذا ونحوه يكون مرجوًا، فإذا لم يكن المال متمكنًا منه ولا مرجوًا، لم تجب فيه الزكاة لو عاد لما مضى من السنين التي كان فيها خارجًا عن يده. فيستأنف الحَوْل بعد قبضه
(شرح الأزهار: 1/ 452 - 453).
__________________
اللهم علمنا ما ينفعنا - وإنفعنا بما علمتنا
اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا إتباعه - وأرنا الباطل باطلا وأرزقنا إجتنابه
اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك
اللهم إجعل عملنا خالصا لوجهك الكريم
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبة وسلم

آخر تعديل بواسطة admin ، 04-01-2011 الساعة 09:25 PM
رد مع اقتباس
 
 
  #78  
قديم 04-01-2011
الصورة الرمزية admin
admin admin غير متواجد حالياً
Administrator
 
تاريخ التسجيل: May 2009
المشاركات: 14,425
افتراضي الحكمة في اعتبار هذا الشرط

الحكمة في اعتبار هذا الشرط
والحكمة في اعتبار هذا الشرط: أن الملكية نعمة جليلة، لأنها ثمرة الحرية، بل ثمرة الإنسانية، لأن الحيوان لا يملك. والإنسان هو الذي يملك، ولأن الملكية تُشعر الإنسان بالسيادة والقوة، فضلاً عن إشباعها للدافع الفطري بين جنبيه، دافع حب التملك. وتمام المِلْك يمكن الإنسان من الانتفاع بالمال المملوك وتنميته وتثميره بنفسه أو بمن ينوب عنه.
وهذه النعمة، تستوجب من صاحبها الشكر عليها، فلا عجب أن يطالب الإسلام المالك بالزكاة، وإخراج حق المال المملوك له.

والدليل على هذا الشرط أمران:
أولاً: إضافة الأموال إلى أربابها في القرآن والسُنة في مثل قوله تعالى: (خذ من أموالهم صدقة)(التوبة: 103)، (في أموالهم حق)(المعارج: 24)، وقول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "إن الله فرض عليهم في أموالهم - هاتوا ربع عشر أموالكم"
وهذه الإضافة تقتضي الملكية، إذ معنى "أموالهم" أي الأموال التي لهم، ولا تكون لهم، إلا إذا كانوا يملكونها بحيث تختص بهم، وتضاف إليهم، ويمتازون على غيرهم بحق الانتفاع بها.
ثانيًا: أن الزكاة فيها تمليك المال للمستحقين لها، من الفقراء والمساكين وسائر المصارف، والتمليك إنما هو فرع عن الملك، إذ كيف يملِّك الإنسان غيره شيئًا لا يملكه هو؟

__________________
اللهم علمنا ما ينفعنا - وإنفعنا بما علمتنا
اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا إتباعه - وأرنا الباطل باطلا وأرزقنا إجتنابه
اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك
اللهم إجعل عملنا خالصا لوجهك الكريم
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبة وسلم
رد مع اقتباس
 
 
  #79  
قديم 04-01-2011
الصورة الرمزية admin
admin admin غير متواجد حالياً
Administrator
 
تاريخ التسجيل: May 2009
المشاركات: 14,425
افتراضي فروع على هذا الشرط - المال الذي ليس له مالك معين

فروع على هذا الشرط

المال الذي ليس له مالك معين

وعلى هذا إذا كان هناك مال لا مالك له -وأعني بالمالك: المالك المعيَّن- فلا زكاة فيها، وذلك كأموال الحكومة التي تجمعها من الزكوات أو الضرائب أو غيرها من الموارد، فلا زكاة فيها، لعدم المالك المعيَّن، فهي مِلْك جميع الأمة، ومنها الفقراء، ولأن الحكومة هي التي تتولى جباية الزكاة، فلا معنى أن تجبي من نفسها لتعطي نفسها، ولذا قالوا: "لا تجب الزكاة في مال فيء، ولا في خُمس غنيمة، لأنه يرجع إلى الصرف في مصالح المسلمين" (مطالب أولي النهى: 2/16). وكذلك كل ما يُملَّك مِلكية عامة.
الأرض الموقوفة ونحوها
وكذلك الموقوف على جهة عامة كالفقراء، أو المساجد، أو المجاهدين، أو اليتامى، أو الربط، او المدارس، أو غير ذلك من أبواب الخير. فالصحيح أن لا زكاة فيها.
بخلاف الموقوف على معيَّن - واحد، أو جماعة - مثل الموقوف على ابنه أو ذُرِّيته أو على بني فلان أو نحو ذلك، فالصحيح أن الزكاة تجب فيه، بناءً على أن المِلْك في الموقوف ينتقل إلى الموقوف عليه، وهو يملكه مِلكًا مستقرًا، فأشبه غير الموقوف (المجموع للنووي: 5/339 - 340)
. وكونه لا يملك التصرف في رقبة الموقوف، لا يضعف من ملكيته، لأن أبرز مظهر للملك أن صاحبه أحق بالانتفاع بالمملوك من غيره، وأن أحدًا لا يملك أن يهيجه عنه، وهذا قائم في مسألتنا.
ومن الفقهاء من أوجب الزكاة في كل موقوف، على عام أو على خاص، قال ابن رشد: ولا معنى لمن أوجبها على المساكين، إذا كانت الأرض ونحوها موقوفة عليهم، لأنه يجتمع في ذك شيئان اثنان:
أحدهما:
أنها مِلْك ناقص.
وثانيهما: أنها على قوم غير معينين من الصنف الذي تُصرف إليهم الصدقة، لا من الذين تجب عليهم (بداية المجتهد لابن رشد: 1/239).
__________________
اللهم علمنا ما ينفعنا - وإنفعنا بما علمتنا
اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا إتباعه - وأرنا الباطل باطلا وأرزقنا إجتنابه
اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك
اللهم إجعل عملنا خالصا لوجهك الكريم
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبة وسلم
رد مع اقتباس
 
 
  #80  
قديم 04-01-2011
الصورة الرمزية admin
admin admin غير متواجد حالياً
Administrator
 
تاريخ التسجيل: May 2009
المشاركات: 14,425
افتراضي المال الحرام لا زكاة فيه

المال الحرام لا زكاة فيه
واشتراط المِلْك لوجوب الزكاة يخرج به المال الذي يحوزه صاحبه بطريق خبيث من طرق السُحت والحرام، كالغصب والسرقة، والتزوير والرشوة، والربا والاحتكار والغش ونحوها من أخذ أموال الناس بالباطل، كأكثر أموال سلاطين الجور وأمراء السوء، والمرابين، واللصوص الكبار والصغار.
فالصحيح أن هؤلاء لا يملكون هذه الأموال المنهوبة، وإن خلطوها بأموالهم الحلال، حتى لم تعد تتميز منها.
قال العلماء: لو كان الخبيث من المال نصابًا لا يلزمه الزكاة، لأن الواجب عليه تفريغ ذمته برده إلى أربابه إن عُلموا، أو إلى ورثتهم، وإلا فإلى الفقراء.
وهنا يجب التصدق به كله، فلا يفيد إيجاب التصدق ببعضه
(البحر الرائق لابن نجيم وحاشيته لابن عابدين: 2/221.
هذا ويرى أبو حنيفة أن من غصب دراهم غيره، وخلطها بدراهمه، فهذا يُعَد عنده استهلاكًا، ويملكها بهذا الخلط، ويصير ضامنًا لأربابها مثلها. وعند أبي يوسف ومحمد: لا يضمن، فلا يثبت الملك، لأنه فرع الضمان. فلا يورث عنه، لأنه مال مشترك، وإنما يورث حصة الميت منه. وبالتالي لا تجب الزكاة فيه، لأنه لم يملكه. وعلى قول أبي حنيفة - أيضًا - ينبغي ألا تجب عليه الزكاة، لأنه مدين بمثل ما غصبه لأربابه، والمال المشغول بالدَيْن لا يصلح لوجوب الزكاة عنده: "المصدر نفسه")
.
ومن هنا جاء في الحديث الصحيح:
"لا يقبل الله صدقة من غلول"رواه مسلم
. .
والغلول: المال الذي غلَّه صاحبه، وأخذه من المال العام، كمال الغنيمة ونحوها.
وقد علل العلماء عدم قبول الصدقة بالحرام بأنه غير مملوك للمتصدق، وهو ممنوع من التصرف فيه، والتصدق به نوع من التصرف فيه، فلو قُبِل منه لزم أن يكون الشيء مأمورًا به. منهيًا عنه من وجه واحد، وهو محال
(فتح الباري: 3/180 - ط. الحلبي)
.
والنتيجة: أن المرء لا يُعَد - في نظر الشارع - غنيًا بالمال الحرام، وإن بلغ القناطير المقنطرة وطالت مدته في يديه، حتى أجاز السرخسي وغيره من فقهاء الحنفية التصدق على السلاطين والأمراء الظَلَمة، واعتبروهم فقراء، لأن ما بأيديهم إنما هو أموال المسلمين، وما عليهم من التبعات فوق أموالهم، فلو ردوا ما عليهم لم يبق في أيديهم شيء، فكانوا فقراء
(نقله ابن الهمام في فتح القدير عن المبسوط، كما نقل عن قاضيخان أنه ذكر في الجامع الصغير: لو أوصى بثلث ماله للفقراء، فدفع إلى السلطان الجائر سقط (فتح القدير: 1/513، 514) وهذه الفتاوى المدونة لون من ألوان الإنكار على السلاطين الظلمة). حتى قال محمد بن مسلمة: "يجوز دفع الصدقة لعلي بن عيسى بن ماهان والي خراسان، وكان أميرًا ببلخ، وجبت عليه كفَّارة يمين، فسأل، فأفتوه بصيام ثلاثة أيام، فجعل يبكي ويقول لحشمه: إنهم يقولون لي: إن ما عليك من التبعات فوق مالك من المال، فكفَّارتك كفَّارة يمين من لا يملك شيئًا"
(المصدر السابق. وقد عقَّب ابن الهمام على القصة المذكورة أعلاه قائلاً: وعلى هذا فإنكارهم على يحيى بن يحيى تلميذ مالك، حيث أفتى بعض ملوك المغاربة في كفَّارة عليه بالصوم - غير لازم .
"وتعليلهم بأنه اعتبار للمناسب المعلوم الإلغاء غير لازم، لجواز أن يكون للاعتبار الذي ذكرناه من فقرهم، لا لكونه أشق عليه من الإعتاق، ليكون هو المناسب المعلوم الإلغاء")
.
قال الكمال بن الهمام: وكونهم لهم مال، وما أخذوه خلطوه به - وذلك استهلاك إذا كان لا يمكن تمييزه عنه عند أبي حنيفة، فيملكه ويجب عليه الضمان، حتى قالوا: تجب عليهم فيه الزكاة، ويورث عنهم - غير ضائر، لاشتغال ذمتهم بمثله، والمديون بقدر ما في يده فقير
(المصدر السابق، وانظر البحر: 2/240)
.
والذي نأخذه من هذه الفتاوى الجريئة الصادقة أن المال الحرام لا يملك، ولا يطيب لآخذه، ولا لورثته أبدًا.
أما التصدق على هؤلاء الظلمة - لأنهم فقراء غارمون في حقيقة الأمر - فغير جائز، لأن الفقير الذي يستعين بالمال على معصية الله لا يجوز إعطاؤه من الزكاة، وكذلك الغارم الذي استدان في معصية ولم يتب. كما سنبينه في مصارف الزكاة
(المحلى: 2/101، وحكي عن ابن القاسم من أصحاب مالك: أن المال المغصوب في ضمان الغاصب حين غصبه، فعلى الغاصب فيه الزكاة. وحمله بعض المالكية على ما إذا كان عند الغاصب مال آخر غير زكوي يستطيع أن يعوِّضه به، فإن لم يكن عنده وفاء بما يعوضه، فلا زكاة على الغاصب.
قال في حاشية الدسوقي: واعلم أن العين المغصوبة يجب على الغاصب أن يزكيها كل سنة من ماله في المدة التي هي فيها عنده، حيث كان عنده ما يجعله في مقابلة تلك العين المغصوبة وهذه غير زكاة ربها لها إذا قبضها، فتحصل أنها تزكى زكاتين: إحداهما: من ربها إذا أخذها لعام واحد فيما مضى. والثانية: زكاة الغاصب لها كل عام، ولا يرجع الغاصب على المالك بما دفع زكاة عنها. انظر: الشرح الكبير وحاشية الدسوقي عليه: 1/456-457)
.
__________________
اللهم علمنا ما ينفعنا - وإنفعنا بما علمتنا
اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا إتباعه - وأرنا الباطل باطلا وأرزقنا إجتنابه
اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك
اللهم إجعل عملنا خالصا لوجهك الكريم
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبة وسلم
رد مع اقتباس
 
إضافة رد


ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML متاحة

الانتقال السريع


جميع الأوقات بتوقيت GMT +3. الساعة الآن 04:46 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.2
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.